شرح المواقف - القاضى الجرجانى - ج ٨ - الصفحة ١٧٢
إليه والجواب أن دعوى الضرورة غير مسموعة والذم لا يستلزم كونه فاعلا وحكم العادة ممنوع لأن مثله يقع في الوباء * (الرابع الرزق وهو عندنا كل ما ساقه الله إلى العبد فأكله فهو رزق له من الله حلالا كان أو حراما إذ لا يقبح من الله شئ أوليس ) ما ذكره تحديدا للرزق بل هو نفي لما ادعى عن تخصيصه بالحلال وذلك لأن مذهب الأشاعرة هو أن الرزق كل ما انتفع به حي سواء كان بالتغذي أو بغيره مباحا كان أو حراما وربما قال بعضهم هو كل ما يتربى به الحيوانات من الأغذية والأشربة لا غير قال الآمدي والتعويل على الأول فإن قيل كيف يتصور لا إنفاق من الرزق بالمعنى الثاني الذي ذهب إليه بعضهم وقد قال تعالى ومما رزقناهم ينفقون أجيب بأن إطلاق الرزق على المنفق مجاز عندهم لأنه بصدده وأما هم) أي المعتزلة (ففسروه بالحلال تارة فأورد عليهم وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها) فللبهائم رزق ولا يتصور في حقها حل ولا حرمة (و) فسروره أخرى (بما لا يمنع من الانتفاع به أخري فيلزمهم أن من أكل الحرام طول عمره فالله لم يرزقه وهو خلاف الاجماع) من الأمة قبل ظهور المعتزلة (كل ذلك) الذي يرد عليهم ويلزمهم (ناع عليهم فساد أصلهم في الحكم على الله بيجوز ولا يجوز) وذلك الأصل هو قاعدة الحسن والقبح العقليين فإنها منشأ
____________________
بالأجل أو لا به على أن انتفاء المقارنة لدعوى النبوة يميزه عن المعجزة فتأمل (قوله لأن مثله يقع في الوباء) ذكر في تاريخ الجزري إنه كان في سنة تسع وستين طاعون عظيم بالبصرة ثم نقل عن المدائني أنه قال حدثني من أدركته قال كان ثلاثة أيام فمات في كل يوم سبعون ألفا وقيل مات فيه عشرون ألف عروس وأصبح الناس في الرابع ولم يبق إلا اليسير وصعد ابن عامر يوم الجمعة وما في الجامع سوى سبعة رجال وامرأة فقال ما فعلت الوجوه فقيل تحت التراب أيها الأمير (قوله أوليس ما ذكره تحديد للرزق الخ) فاندفع أمور (الأول) إطلاق لفظ الكل في التعريف مع أنه لإحاطة الأفراد والتعريف للماهية (الثاني) خروج رزق البهائم عنه (الثالث) خروج المشروبات لعدم الأكل ثمة (قوله بل هو نفي الخ) فذكر العبد لأن الحلال والحرام إنما يطلقان على الرزق بالنسبة إلى المكلف وذكر الكل لإفادة الشمول صريحا لكن يردان التعرض للأكل حينئذ مستدرك سواء حمل على ظاهره أو جعل مجازا عن مطلق الطعم ليتناول المشروب والظاهر أن كلام المصنف موافق لما نقله الشارح بقوله وربما قال بعضهم لكن ينبغي أن يريد بالعبد الحيوان مطلقا على التغليب لأنه لا قائل بكون الرزق مخصوصا بالإنسان (قوله وهو خلاف الاجماع) أبطل اللازم بكونه خلاف الاجماع لا بقوله تعالى وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها كما ذكر في تفسير القاضي وغيره لأن المعتزلة أجابوا عنه بأنه تعالى قد ساق إليه كثيرا من المباح إلا أنه أعرض عنه بسوء اختياره وهذا وإن سهل دفعه بأن يفرض أن الله تعالى لم يسق إليه شيئا من المباح لكن النقض بمن مات ولم يأكل حلالا ولا حراما قوي والجواب بأن معنى الآية والله أعلم وما من دابة يتصف بالمرزوقية إلا على الله رزقها وعلى تقدير تسليم كون هذا المعنى مشترك الدفع فإن من أكل الحرام طول عمره لم يتصف بالمرزوقية عند الخصم المخصص للرزق بالحلال
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الموقف الخامس في الإلهيات 2
2 المرصد الأول في الذات وفيه مقاصد 2
3 المقصد الأول 2
4 المقصد الثاني 14
5 المقصد الثالث 18
6 المرصد الثاني وفيه مقاصد 19
7 المقصد الأول 19
8 المقصد الثاني 25
9 المقصد الثالث 26
10 المقصد الرابع 27
11 المقصد الخامس 28
12 المقصد السادس 31
13 المرصد الثالث في توحيده تعالي 39
14 المرصد في الرابع في الصفات الوجودية 44
15 المقصد الأولى في اثبات الصفات 44
16 المقصد الثاني في قدرته 49
17 المقصد الثالث 64
18 المقصد الرابع 80
19 المقصد الخامس 81
20 المقصد السادس 87
21 المقصد السابع 91
22 المقصد الثامن 104
23 المرصد الخامس وفيه مقصدان 115
24 المقصد الأول 115
25 المقصد الثاني 143
26 المرصد السادس في أفعاله تعالى 145
27 المقصد الأول 145
28 المقصد الثاني 159
29 المقصد الثالث 168
30 المقصد الرابع 173
31 المقصد الخامس 181
32 المقصد السادس 195
33 المقصد السابع 200
34 المقصد الثامن 202
35 المرصد السابع في أسماء الله تعالي 207
36 المقصد الأول 207
37 المقصد الثاني 209
38 المقصد الثالث 210
39 الموقف السادس في السمعيات 217
40 المرصد الأول في النبوات 217
41 المقصد الأول 217
42 المقصد الثاني 222
43 المقصد الثالث 230
44 المقصد الرابع 243
45 الكلام علي القرآن 243
46 المقصد الخامس 263
47 المقصد السادس 280
48 المقصد السابع 281
49 المقصد الثامن 283
50 المقصد التاسع 288
51 المرصد الثاني في المعاد وفيه مقاصد 289
52 المقصد الأول 289
53 المقصد الثاني في حشر الأجسام 294
54 المقصد الثالث 298
55 المقصد الرابع 301
56 المقصد الخامس 303
57 المقصد السادس 306
58 المقصد السابع 309
59 المقصد الثامن 312
60 المقصد التاسع 312
61 المقصد العاشر 314
62 المقصد الحادي عشر 317
63 المقصد الثاني عشر 320
64 المرصد الثاني في الأسماء وفيه مقاصد 322
65 المقصد الأول 322
66 المقصد الثاني 330
67 المقصد الثالث 331
68 المرصد الرابع في الإمامة 344