الملك ضارب عبده فاعتذر بعصيانه والملك يتوعده
بالقتل إن لم يظهر عصيانه فإنه يأمره بفعل) تمهيد العذره (ويريد عصيانه فيه فإن أحدا لا يريد ما يفضي إلى
قتله) بل ما يخلصه عنه فقد أمر بخلاف ما يريده ولا سفه فإن قيل الموجود ههنا صورة الأمر لا حقيقته فإن العاقل لا يأمر بما يؤدي حصوله إلى هلاكه أجيب بأنه قد يأمر به إذا علم أنه لا يحصل وكان في الأمر به فائدة بخلاف الإرادة فإنها لا تتعلق به أصلا * (الثالث أن الملجاء إلى الأمر قد يأمر ولا يريد فعل المأمور به بل يريد خلافه ولا يعد سفيها * (الثاني) من وجوه استدلالاتهم (لو كان الكفر مراد الله تعالى لكان فعله) والإتيان به (موافقة لمراد الله تعالى فيكون طاعة مثابا به وأنه باطل ضرورة) من الدين (قلنا الطاعة موافقة الأمر والأمر غير الإرادة وغير مستلزم لها) لانفكاكها عنه في الصور المذكورة قال الآمدي ويدل على أن موافقة الإرادة ليست طاعة أنه لو أراد شخص شيئا من آخر فوقع المراد من الآخر علي وفق إرادة المريد ولا شعور للفاعل بإرادته فإنه لا يعد منه طاعة له كيف والإرادة كامنة والأمر ظاهر ولهذا يقال في العرف فلان مطاع الأمر ولا يقال مطاع الإرادة (وقد ضايق بعض أصحابنا في العبارة فقال الكفر مراد بالكافر غير مراد من الكافر) لأن القول الثاني ينبئ عن الرضاء بالكفر دون الأول (وهو لفظي) لا طائل تحته * (الثالث لو كان الكفر مراد الله تعالى لكان واقعا بقضائه والرضاء بالقضاء واجب) إجماعا (فكان الرضاء بالكفر واجبا واللازم باطل لأن الرضاء بالكفر كفر) اتفاقا (قلنا الواجب هو الرضاء
____________________
المؤاخذة لترك الامتثال بما أمر به ظاهر إذ أوليس له اطلاع على الحقيقة فتأمل (قوله أجيب بأنه قد يأمر به الخ) فيه أنه كلام على السند مع أن العاقل إذا علم حصول الفائدة بصورة لطلب لا حاجة إلى حقيقة الطلب (قوله ولا يقال مطاع الإرادة الخ) فيه أن هذا أمر لفظي ولهذا لا يقال مطاع النهي ومطاع الطلب (قوله قلنا الواجب هو الرضاء بالقضاء لا بالمقضى) أعترض عليه بأنه لا معنى للرضاء بصفة من صفات الله تعالى بل المراد هو الرضاء بمقتضى تلك الصفة وهو المقتضى فالصواب أن يجاب بأن الرضاء بالكفر لا من حيث ذاته بل من حيث هو مقضى أوليس بكفر أو بما في شرح الكشاف من أن الرضاء بالكفر إنما يكون كفرا إذا كان مع الاستحسان له وعدم الاستقباح بخلاف الرضاء بكفر الكافر مع استقباحه قصدا إلى زيادة عذابه كما قال الله تعالى حكاية ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم وأجيب بأن رضى القلب بفعل الله تعالى بل بصفته أيضا مما لا شك في صحته ثم إن الرضاء بهما يستلزم الرضاء بالمتعلق من حيث هو متعلق مقضى لا من حيث ذاته ولا من سائر الحيثيات ولما كان الرضاء الأول هو الأصل والمنشأ للثاني اختار هذا الطريق فإن قلت لا فرق بين هذه الصفة وبين سائرها في وجوب الرضاء فالتخصيص تحكم قلت هذه الصفة تقتضي الخلق والشرور والآلام من آثارها فهي