شرح المواقف - القاضى الجرجانى - ج ٨ - الصفحة ١٦٩
وهو لبعض أصحاب عبد الواحد من المعتزلة (منعهم الله الإخلاص الموجب لقبول العمل فكانوا) لذلك (كمن يمنع دخول الإيمان قلبه بالختم عليه لأن الفعل بلا إخلاص كلا فعل وهو) أي ما ذكروه من التأويل (مع الابتاء على أصلهم الفاسد) وهو أن منع الإيمان وخلق الضلال قبيح فلا يجوز إسناده إلى الله سبحانه وتعالى وسيأتيك بيان فساده (يبطله ذكر الله تعالى هذه الأشياء في معرض امتاع الإيمان منهم لأجل ذلك) حيث قال سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون * ختم الله على قلوبهم أي لا يؤمنون لأجل الختم وذلك لأن قوله ختم استيناف لبيان السبب (وشئ مما ذكرتم لا يصلح لذلك) أي لكونه سببا لامتناع الإيمان فإن مجرد الوصف بالختم والطبع وجعل الأكنة والأقفال على قلوبهم لا يمنع من الإيمان وكذا الوسم بعلامة مميزة ومنع اللطف والإخلاص لا يقتضي امتناع الإيمان فلا يصح الحمل عليها * (الثاني) من تلك الأمور التي يؤلونها (التوفيق والهداية) فإن الشارح الأشعري وأكثر الأئمة من أصحابه حملوا التوفيق على خلق القدرة على الطاعة وهو مناسب للوضع اللغوي لأن الموافقة إنما هي بالطاعة وبخلق القدرة الحادثة على الطاعة يحصل تهيئ المواقفة وقال إمام الحرمين التوفيق خلق الطاعة لا خلق القدرة إذ لا تأثير لها وحملوا الهداية على معناها الحقيقي أعني خلق الاهتداء وهو الإيمان والمعتزلة (أولوهما
____________________
لا يوجبونه إذا علم أنه لا ينفعهم (قوله لا يقتضي امتناع الإيمان (وإلا كان قبيحا لا يسند إليه تعالى عندهم وقد يناقش في ذلك بأن ما ذكر يصلح سببا للامتناع باعتبار أن مبدأ الوسم والمنع صفة في قلوبهم مانعة فتأمل (قوله وقال إمام الحرمين التوفيق خلق الطاعة) هذا مخالف لما نقل عن المصنف من أنه يوافق الحكماء في وقوع فعل العبد إذا كان اختياريا بقدرته وموافق لما مر هناك نقله من شرح المقاصد (قوله وحملوا الهداية على معناه الحقيقي) قيل عليه هذا مع قوله والمعتزلة أولوهما يشير إلى أن الهداية حقيقة في خلق الاهتداء باتفاق الفريقين وتفسيرها بالدلالة تأويل فالبحث عنها بأنها باقية على حقيقتها أو مؤولة بحث كلامي وهذا يخالف ما ذكره في حاشية شرح المطالع من أنه حقيقة في الدلالة على ما يوصل إلى المطلوب واحتج عليه بقوله تعالى وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمي على الهدى والجواب أن الغرض ههنا بيان الحقيقة الشرعية المرادة في أغلب استعمالات الشارع والمذكور في حواشي شرح المطالع معناه اللغوي أو العرفي فلا مخالفة ويمكن أن يدفع أيضا بأن الهداية قد تتعدى إلى المفعول الثاني بنفسها وقد تتعدى بواسطة الحرف وقد يفرق بينهما بأن معنى الأول الايصال إلى المطلوب ولا يكون إلا فعل الله تعالى فلا يسند إلا إليه ومعنى الثاني الدلالة على ما يوصل فيسند إلى القرآن تارة نحو قوله تعالى يهدي للتي هي أقوم وإلى النبي أخرى نحو أنك لتهدي إلى صراط مستقيم والمراد بالهداية في قوله ههنا وحملوا الهداية الخ هو المتعدي بنفسه وفي حواشي المطالع هو المتعدي بالحرف فإنه حمل الهداية في قوله مصنفه ونسئلك هدايا الهداية عليه لكثرة استعماله ولئلا يلغوا الفقرة الثانية كما أنه المراد
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الموقف الخامس في الإلهيات 2
2 المرصد الأول في الذات وفيه مقاصد 2
3 المقصد الأول 2
4 المقصد الثاني 14
5 المقصد الثالث 18
6 المرصد الثاني وفيه مقاصد 19
7 المقصد الأول 19
8 المقصد الثاني 25
9 المقصد الثالث 26
10 المقصد الرابع 27
11 المقصد الخامس 28
12 المقصد السادس 31
13 المرصد الثالث في توحيده تعالي 39
14 المرصد في الرابع في الصفات الوجودية 44
15 المقصد الأولى في اثبات الصفات 44
16 المقصد الثاني في قدرته 49
17 المقصد الثالث 64
18 المقصد الرابع 80
19 المقصد الخامس 81
20 المقصد السادس 87
21 المقصد السابع 91
22 المقصد الثامن 104
23 المرصد الخامس وفيه مقصدان 115
24 المقصد الأول 115
25 المقصد الثاني 143
26 المرصد السادس في أفعاله تعالى 145
27 المقصد الأول 145
28 المقصد الثاني 159
29 المقصد الثالث 168
30 المقصد الرابع 173
31 المقصد الخامس 181
32 المقصد السادس 195
33 المقصد السابع 200
34 المقصد الثامن 202
35 المرصد السابع في أسماء الله تعالي 207
36 المقصد الأول 207
37 المقصد الثاني 209
38 المقصد الثالث 210
39 الموقف السادس في السمعيات 217
40 المرصد الأول في النبوات 217
41 المقصد الأول 217
42 المقصد الثاني 222
43 المقصد الثالث 230
44 المقصد الرابع 243
45 الكلام علي القرآن 243
46 المقصد الخامس 263
47 المقصد السادس 280
48 المقصد السابع 281
49 المقصد الثامن 283
50 المقصد التاسع 288
51 المرصد الثاني في المعاد وفيه مقاصد 289
52 المقصد الأول 289
53 المقصد الثاني في حشر الأجسام 294
54 المقصد الثالث 298
55 المقصد الرابع 301
56 المقصد الخامس 303
57 المقصد السادس 306
58 المقصد السابع 309
59 المقصد الثامن 312
60 المقصد التاسع 312
61 المقصد العاشر 314
62 المقصد الحادي عشر 317
63 المقصد الثاني عشر 320
64 المرصد الثاني في الأسماء وفيه مقاصد 322
65 المقصد الأول 322
66 المقصد الثاني 330
67 المقصد الثالث 331
68 المرصد الرابع في الإمامة 344