شرح المواقف - القاضى الجرجانى - ج ٨ - الصفحة ١٨٨
مؤثر فإن كان مؤثره العبد تسلسل وإن كان غيره كان هو مجبورا في فعله (وأما الثالث) وهو النقض بالحسن والقبح الشرعين (فلا يجب عندنا في الواجب الشرعي تأثير قدرة الفاعل فيه بل يجب أن يكون الفعل مما هو مقدور عادة) أي يكون مما يقارنه القدرة والاختيار في الجملة ولا يكفي ذلك في الواجب العقلي عندكم إذ لا بد فيه من تأثير القدرة فلا يتجه علينا النقض بالشرعي (وأما الرابع) وهو الحل (فمقصودنا) من دليلنا على كون العبد مجبورا ومضطرا (أن العبد غير مستقل بإيجاد فعله من غير داع) واختيار يترتب على ذلك الداعي ويوجب الفعل (يحصل) أي ذلك الداعي مع ما يترتب عليه (له بخلق الله تعالى إياه وقد بيناه) أي عدم استقلاله بهذا المعنى (وذلك كاف في عدم الحكم) بالحسن والقبح (عقلا إذ لا فرق بين أن يوجد الله الفعل) في العبد كما قاله الشيخ وبين أن يوجد ما يجب الفعل عنده كما قاله بعض أصحابه) كإمام الحرمين (وفي كونه مانعا من حكم العقل) بالحسن والقبح (عند الخصم) فإذا كان داعيه إلى الاختيار الموجب للفعل من فعل الله فقد تم مطلوبنا * (الثاني) من الوجهين وإنما ينتهض حجة على غير الجبائي (لو كان قبح الكذب ذاتيا) أي لذاته أو لصفة لازمة لذاته (لما تخلف) القبح (عنه لأن ما بالذات) وكذا ما هو بواسطة لازم الذات
____________________
بالضرورة كيف ويلزم حينئذ وجوب الفعل بالأجنبي الغير الصادر عن الذات وإن أراد عدم احتياجه إلى ما يرجح وجوده عن العلة فلا يلائمه التعليل فتأمل (قوله وإنما ينتهض حجة على غير الجبائي) فإن قلت لعلهم يريدون أن المقتضى هو الذات أو لازمها لكن بشرط الجهات والاعتبارات فلا ينتهض ما ذكر حجة على غير الجبائي أيضا قلت ما ذكرته يؤول إلى مذهب الجبائي وقد ثبت بالنقل الصحيح اختلاف مذاهبهم (قوله فإنه أي الكذب قد يحسن الخ) قيل عليه الكذب في الصورة المذكورة باق على قبحه لكن ترك إنجاء النبي أقبح منه فيلزم ترك الأقبح إلى القبيح فالواجب الحسن هو الانجاء لا الكذب وأجيب بأن الكذب لما تعين طريقا إلى الانجاء الواجب كان حسنا البتة ورد بأن هذا بعد تسليمه إنما يفيد حسن الكذب من جهة كونه طريقا إلى الانجاء وهذا لا ينافي قبحه لذاته لجواز اجتماع الجهتين وأنت خبير بأن الحجة على غير الجبائي وحسن الفعل عندهم وكذا قبحه إما لذاته أو لصفة لازمة له فلا يجامع القبيح أصلا واجتماع الحسن والكذب باعتبار الجهتين إنما يتأتى على مذهب الجبائي كما سيأتي إليه الإشارة (قوله وإذا حسن الكذب ههنا قبح الصدق الخ) فإن قيل سلمنا أن الصدق ههنا يفضي إلى إهدار دم المعصوم لكن لا نسلم قبحه فإن الصدق الضار حسن عندنا وإن لم ندرك حسنه بالضرورة قلنا النفرة التي يجدها العقل في هذا المقام أقوى بكثير من النفرة التي يجدها في الكذب فيما لا مضرة فيه فإذا كانت الصورة الثانية قبيحة عندكم كانت الصورة الأولى أولى بالقبح (قوله وهو باطل فتعين الأول) نقل عنه رحمه الله إن هذا إشارة إلى أن الترديد أوليس بكاف بل الأولى أن يقال إذا جاء الغد فكذبه حسن وإلا فتركه وهو باطل فتعين الأول وأنت خبير بأنه لا حاجة إلى هذا إذ يكفي في إبطال التحسين والتقبيح العقليين استلزامه في هذه الصورة أما اجتماع الحسن
(١٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الموقف الخامس في الإلهيات 2
2 المرصد الأول في الذات وفيه مقاصد 2
3 المقصد الأول 2
4 المقصد الثاني 14
5 المقصد الثالث 18
6 المرصد الثاني وفيه مقاصد 19
7 المقصد الأول 19
8 المقصد الثاني 25
9 المقصد الثالث 26
10 المقصد الرابع 27
11 المقصد الخامس 28
12 المقصد السادس 31
13 المرصد الثالث في توحيده تعالي 39
14 المرصد في الرابع في الصفات الوجودية 44
15 المقصد الأولى في اثبات الصفات 44
16 المقصد الثاني في قدرته 49
17 المقصد الثالث 64
18 المقصد الرابع 80
19 المقصد الخامس 81
20 المقصد السادس 87
21 المقصد السابع 91
22 المقصد الثامن 104
23 المرصد الخامس وفيه مقصدان 115
24 المقصد الأول 115
25 المقصد الثاني 143
26 المرصد السادس في أفعاله تعالى 145
27 المقصد الأول 145
28 المقصد الثاني 159
29 المقصد الثالث 168
30 المقصد الرابع 173
31 المقصد الخامس 181
32 المقصد السادس 195
33 المقصد السابع 200
34 المقصد الثامن 202
35 المرصد السابع في أسماء الله تعالي 207
36 المقصد الأول 207
37 المقصد الثاني 209
38 المقصد الثالث 210
39 الموقف السادس في السمعيات 217
40 المرصد الأول في النبوات 217
41 المقصد الأول 217
42 المقصد الثاني 222
43 المقصد الثالث 230
44 المقصد الرابع 243
45 الكلام علي القرآن 243
46 المقصد الخامس 263
47 المقصد السادس 280
48 المقصد السابع 281
49 المقصد الثامن 283
50 المقصد التاسع 288
51 المرصد الثاني في المعاد وفيه مقاصد 289
52 المقصد الأول 289
53 المقصد الثاني في حشر الأجسام 294
54 المقصد الثالث 298
55 المقصد الرابع 301
56 المقصد الخامس 303
57 المقصد السادس 306
58 المقصد السابع 309
59 المقصد الثامن 312
60 المقصد التاسع 312
61 المقصد العاشر 314
62 المقصد الحادي عشر 317
63 المقصد الثاني عشر 320
64 المرصد الثاني في الأسماء وفيه مقاصد 322
65 المقصد الأول 322
66 المقصد الثاني 330
67 المقصد الثالث 331
68 المرصد الرابع في الإمامة 344