____________________
بالضرورة كيف ويلزم حينئذ وجوب الفعل بالأجنبي الغير الصادر عن الذات وإن أراد عدم احتياجه إلى ما يرجح وجوده عن العلة فلا يلائمه التعليل فتأمل (قوله وإنما ينتهض حجة على غير الجبائي) فإن قلت لعلهم يريدون أن المقتضى هو الذات أو لازمها لكن بشرط الجهات والاعتبارات فلا ينتهض ما ذكر حجة على غير الجبائي أيضا قلت ما ذكرته يؤول إلى مذهب الجبائي وقد ثبت بالنقل الصحيح اختلاف مذاهبهم (قوله فإنه أي الكذب قد يحسن الخ) قيل عليه الكذب في الصورة المذكورة باق على قبحه لكن ترك إنجاء النبي أقبح منه فيلزم ترك الأقبح إلى القبيح فالواجب الحسن هو الانجاء لا الكذب وأجيب بأن الكذب لما تعين طريقا إلى الانجاء الواجب كان حسنا البتة ورد بأن هذا بعد تسليمه إنما يفيد حسن الكذب من جهة كونه طريقا إلى الانجاء وهذا لا ينافي قبحه لذاته لجواز اجتماع الجهتين وأنت خبير بأن الحجة على غير الجبائي وحسن الفعل عندهم وكذا قبحه إما لذاته أو لصفة لازمة له فلا يجامع القبيح أصلا واجتماع الحسن والكذب باعتبار الجهتين إنما يتأتى على مذهب الجبائي كما سيأتي إليه الإشارة (قوله وإذا حسن الكذب ههنا قبح الصدق الخ) فإن قيل سلمنا أن الصدق ههنا يفضي إلى إهدار دم المعصوم لكن لا نسلم قبحه فإن الصدق الضار حسن عندنا وإن لم ندرك حسنه بالضرورة قلنا النفرة التي يجدها العقل في هذا المقام أقوى بكثير من النفرة التي يجدها في الكذب فيما لا مضرة فيه فإذا كانت الصورة الثانية قبيحة عندكم كانت الصورة الأولى أولى بالقبح (قوله وهو باطل فتعين الأول) نقل عنه رحمه الله إن هذا إشارة إلى أن الترديد أوليس بكاف بل الأولى أن يقال إذا جاء الغد فكذبه حسن وإلا فتركه وهو باطل فتعين الأول وأنت خبير بأنه لا حاجة إلى هذا إذ يكفي في إبطال التحسين والتقبيح العقليين استلزامه في هذه الصورة أما اجتماع الحسن