أن يقال لم يتخلف القبح عن
الكذب بل هو قبيح باعتبار تعلقه بالمخبر عنه لا على ما هو به وحسن باعتبار استلزامه للعصمة والإنجاء وقد نبهناك على ذلك (أو نلتزم قبحه) أي قبح كلامه في الغد (مطلقا لأنه قبيح أما لذاته) إن كان كاذبا (وأما لاستلزامه القبيح) إن كان صادقا (ونقول الحسن) كالكلام
الصادق فيما نحن فيه (إنما يحسن إذا لم يستلزم القبيح) وأنت خبير بأن انقلاب الحسن إلى القبيح إنما يتأتى على القول بالوجوه الاعتبارية فضعف هذا المسلك إنما يظهر إذا جعل دليلا على
بطلان مذاهب
المعتزلة كلها (الثاني) من المسلك الضعيفة (من قال زيد في الدار ولم يكن) زيد فيها (فقبح هذا القول أما لذاته) وحده (أو مع عدم كون زيد في الدار) إذ لا قائل بقسم الثالث (والقسمان باطلان فالأول لاستلزامه قبحه وإن كان زيدا في الدار والثاني لأنه يستلزم كون العدم جزء علة الوجود قلنا قد يكون قبحه مشروطا بعدم كون زيد في الدار والشرط لا
يمنع أن يكون عدميا الثالث قبحه) أي قبح الكلام الكاذب (لكونه كذبان قام بكل حرف) منه (
فكل حرف كذب) إذ المفروض أنه متصف بالقبح المعلل بالكذب (فهو خبر) لأن
الكذب من صفات الخبر (وبطلانه ظاهر وإن قام بالمجموع فلا وجود له لترتبها) أي ترتب الحروف (وتقضى المتقدم) منها (عند حصول المتأخر) وإذ لم يكن للمجموع وجود فكيف يتصور اتصافه بالقبح الذي هو صفة ثبوتية فالمصنف ردد في نفس القبح هل هو قائم بكل حرف أو بمجموعها وأما الآمدي فإنه قال لو كان الخبر الكاذب قبيحا عقلا فالمقتضى لقبحه إما أن يكون صفة لمجموع حروفه أو لآحادها والأول باطل لأن ما لا وجود له لا يتصف
____________________
في ترك الكذب وهو المستلزم للقبح لا الكلام الصادق (قوله وأما لاستلزامه القبيح الخ) فإن قلت يلزم على هذا أن يكون ترك القبيح قبيحا قلت بطلان اللازم ممنوع عندكم فإن ترك القبيح إذا كان مستلزما لقبيح آخر يكون قبيحا (قوله على بطلان مذاهب المعتزلة كلها لكن الظاهر أنه لإبطال قول من يقول القبيح معلل بالذات حيث قال فكذبه إما حسن فليس الكذب قبيحا لذاته (قوله والشرط لا يمتنع أن يكون عدميا) كما هو المشهور وإن كان الشرط العدمي عند المصنف كاشفا عن شرط وجودي كما يقتضيه كلامه في بحث العلة والمعلول (قوله فلا وجود له لترتبها الخ) الظاهر من كلام المصنف أن ضمير له راجع إلى القبح والمعنى وإن قام بالمجموع القبح فلا تحقق للقبيح في المحل لعدم وجود موصوفه فيلزم الخلف ولا يرد أنه لا يلزم عن عدمية القبح عدم اتصاف المجموع به لجواز الاتصاف بالصفات العدمية لأن الكلام مبنى على أن القبح صفة ثبوتية فإذا لم يثبت لم يتصف به المحل كما لا يتصف بالسواد المعدوم وقد مر نظيره (قوله وأما الآمدي فإنه قال الخ) قيل إنما عدل عن هذا التقرير لأن ما له إلى إنكار كون الكذب صفة لمجموع الكلام وإن باطل إجماعا وبداهة ولقائل أن يقول مآله إلى إنكار كون كذب المجموع سببا