شرح المواقف - القاضى الجرجانى - ج ٨ - الصفحة ١٨٤
النافع مثلا وقد لا تدرك بالعقل) لا بالضرورة ولا بالنظر (ولكن إذا ورد به الشرع علم أنه ثمة جهة محسنة كما في صوم آخر يوم من رمضان) حيث أوجبه الشارع (أو) جهة مقبحة كصوم أول يوم من شوال) حيث حرمه الشارع فإدراك الحسن والقبح في هذا القسم موقوف على كشف الشرع عنهما بأمره ونهيه وأما كشفه عنهما في القسمين الأولين فهو مؤيد لحكم العقل بهما إما بضرورته أو بنظره (ثم إنهم اختلفوا فذهبوا الأوائل منهم) إلى أن حسن الأفعال وقبحها لذواتها لا لصفات فيها تقتضيهما وذهب بعض من يعدم من المتقدمين (إلى إثبات صفة) حقيقة (توجب ذلك مطلقا) أي في الحسن والقبح جميعا فقالوا ليس حسن الفعل أو قبحه لذاته كما ذهب إليه من تقدمنا من أصحابنا بل لما فيه من صفة موجبة لأحدهما (و) ذهب (أبو الحسين من متأخريهم إلى إثبات صفة في القبيح) مقتضية لقبحه (دون الحسن) إذ لا حاجة به إلى صفة محسنة له بل يكفيه لحسنه انتفاء الصفة المقبحة (و) ذهب (الجبائي إلى نفيه) أي نفي الوصف الحقيقي (فيهما مطلقا) فقال أوليس حسن الأفعال وقبحها الصفات حقيقية فيها بل لوجوه اعتبارية وأوصاف إضافية تختلف بحسب الاعتبار كما في لطمة اليتم تأديبا وظلما (وأحسن ما نقل عنهم في العبارات الحدية قول أبي الحسين القبيح ما أوليس للمتمكن منه ومن العلم بحاله أن يفعله) اعتبر قيد التمكن احترازا عن فعل العاجز والملجأ فإنه لا يوصف بقبح ولا حسن وقيد العلم ليخرج عنه المحرمات الصادرة عمن لم تبلغه دعوة نبي أو عمن هو قريب العهد بالإسلام واكتفى بالتمكن من العلم ليدخل فيه الكفر ممن في شاهق الجبل فإنه متمكن من العلم بالله تعالى بالدلائل العقلية وأراد بقوله
____________________
(قوله وذهب بعض من بعدهم من المتقدمين الخ) لا يخفى أن المفهوم من كلام المصنف إثبات الأوائل من المعتزلة صفة حقيقية موجبة للحسن أو القبح والمفهوم من تقرير الشارح عدم إثباتهم إياها بل إن المثبتين من بعدهم من المتقدمين فالمخالفة ظاهرة والظاهر أن مقصود الشارح إظهار عدم ارتضائه كلام المصنف (قوله انتفاء الصفة المقبحة) أي بعد القابلية للاتصاف بها فخرج فعل العاجز والملجأ (قوله اعتبر قيد التمكن احترازا عن فعل العاجز والملجأ) أعترض عليه بأنه يصدق على بعض أفعالهما أنه أوليس للمتمكن منه أن يفعله فلا يخرج بهذا القيد عن التعريف بل الظاهر أنه اعتبر قيد التمكن لئلا يخرج فعلهما عن التعريف لأن ما لهما إن فعلهما قد يكون قبيحا صرح به العلامة التفتازاني في شرح التنقيح وجوابه أن الشارح اعتبر شخص ما فعلا وهو فعلهما المعصوم مثلا ولا شك أنه أوليس بقبيح فيجب إخراجه ثم الموصوف مقدر كما هو القاعدة في المشتقات التي لم يذكر معها موصوفاتها والتقدير ههنا بقرينة قوله أن يفعله ما أوليس لفاعله المتمكن منه أن يفعله نعم لو اعتبر نوع ما فعلاه يوجب شمول
(١٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الموقف الخامس في الإلهيات 2
2 المرصد الأول في الذات وفيه مقاصد 2
3 المقصد الأول 2
4 المقصد الثاني 14
5 المقصد الثالث 18
6 المرصد الثاني وفيه مقاصد 19
7 المقصد الأول 19
8 المقصد الثاني 25
9 المقصد الثالث 26
10 المقصد الرابع 27
11 المقصد الخامس 28
12 المقصد السادس 31
13 المرصد الثالث في توحيده تعالي 39
14 المرصد في الرابع في الصفات الوجودية 44
15 المقصد الأولى في اثبات الصفات 44
16 المقصد الثاني في قدرته 49
17 المقصد الثالث 64
18 المقصد الرابع 80
19 المقصد الخامس 81
20 المقصد السادس 87
21 المقصد السابع 91
22 المقصد الثامن 104
23 المرصد الخامس وفيه مقصدان 115
24 المقصد الأول 115
25 المقصد الثاني 143
26 المرصد السادس في أفعاله تعالى 145
27 المقصد الأول 145
28 المقصد الثاني 159
29 المقصد الثالث 168
30 المقصد الرابع 173
31 المقصد الخامس 181
32 المقصد السادس 195
33 المقصد السابع 200
34 المقصد الثامن 202
35 المرصد السابع في أسماء الله تعالي 207
36 المقصد الأول 207
37 المقصد الثاني 209
38 المقصد الثالث 210
39 الموقف السادس في السمعيات 217
40 المرصد الأول في النبوات 217
41 المقصد الأول 217
42 المقصد الثاني 222
43 المقصد الثالث 230
44 المقصد الرابع 243
45 الكلام علي القرآن 243
46 المقصد الخامس 263
47 المقصد السادس 280
48 المقصد السابع 281
49 المقصد الثامن 283
50 المقصد التاسع 288
51 المرصد الثاني في المعاد وفيه مقاصد 289
52 المقصد الأول 289
53 المقصد الثاني في حشر الأجسام 294
54 المقصد الثالث 298
55 المقصد الرابع 301
56 المقصد الخامس 303
57 المقصد السادس 306
58 المقصد السابع 309
59 المقصد الثامن 312
60 المقصد التاسع 312
61 المقصد العاشر 314
62 المقصد الحادي عشر 317
63 المقصد الثاني عشر 320
64 المرصد الثاني في الأسماء وفيه مقاصد 322
65 المقصد الأول 322
66 المقصد الثاني 330
67 المقصد الثالث 331
68 المرصد الرابع في الإمامة 344