شرح المواقف - القاضى الجرجانى - ج ٨ - الصفحة ١٨٣
وموافق لغرضهم (ومفسدة لأوليائه) ومخالف لغرضهم فدل هذا الاختلاف على أنه أمر إضافي لا صفة حقيقة وإلا لم يختلف كما لا يتصور كون الجسم الواحد أسود وأبيض بالقياس إلى شخصتين (الثالث تعلق المدح والثواب) بالفعل عاجلا وآجلا (أو الذم والعقاب) كذلك فما تعلق به المدح في العاجل والثواب في الآجل يسمى حسنا وما تعلق به الذم في العاجل والعقاب في الآجل يسمى قبيحا وما لا يتعلق به شئ منهما فهو خارج عنهما هذا في أفعال العباد وإن أريد به ما يشمل أفعال الله تعالى اكتفى بتعلق المدح والذم وترك الثواب والعقاب (وهذا) المعنى الثالث (هو محل النزاع فهو عندنا شرعي) وذلك لأن الأفعال كلها سواسية أوليس شئ منها في نفسه بحيث يقتضي مدح فاعله وثوابه ولا ذم فاعله وعقابه وإنما صارت كذلك بواسطة أمر الشارع بها ونهيه عنها (وعند المعتزلة عقلي) فإنهم (قالوا للفعل) في نفسه مع قطع النظر عن الشرع (جهة محسنة) مقتضية لاستحقاق فاعله مدحا وثوابا (أو مقبحة) مقتضية لاستحقاق فاعله ذما وعقابا (ثم إنها) أي تلك الجهة المحسنة أو المقبحة (قد تدرك بالضرورة) من غير تأمل وفكر (كحسن الصدق النافع وقبح الكذب الضار) فإن كل عاقل يحكم بهما بلا توقف (وقد تدرك بالنظر كحسن الصدق الضار وقبح الكذب
____________________
يدل على أن المراد من الغرض غرض الفاعل لا العام منه ومن غرض الغير وإلا لم يخرج فعل الله تعالى لما ذكره فحينئذ مراده من قوله ههنا فإن قتل زيد الخ إن قتل زيد إذا صدر عن أعدائه يكون حسنا بمعنى موافقته لغرض الفاعل الذي هو الأعداء ولو صدر عن أوليائه يكون قبيحا بالنسبة إلى الفاعل الذي هو الأولياء لكن يلزم على هذا أن لا يوصف القتل الصادر عن الأولياء بالحسن ولو بالنسبة إلى الأعداء ولا يوصف القتل الصادر عن الأعداء بالقبح ولو بالنسبة إلى الأولياء ولعل أصحاب هذا التعريف يلتزمونه (قوله فما تعلق به المدح الخ) لا يخفى أن هذا يخالف التعريف السابق المختار عند الأكثرين لشمول ذلك للمباح بخلاف هذا (قوله اكتفى بتعلق المدح والذم) أي اكتفى في المعنى الثالث ليصح محل النزاع بيننا وبين المعتزلة في أفعال الباري تعالى فإن المعتزلة فرعوا على هذا الأصل تنزيه الباري تعالى عن القبائح لإيجابها استحقاق الذم لا لاستحقاق العقاب (قوله فهو عندنا شرعي) ذهب بعض أهل السنة إلى الحسن والقبح العقليين في أفعال العباد دون أفعال الله تعالى مستدلا عليه بأن وجوب تصديق النبي عليه السلام إن توقف على الشرع لزم الدور وإلا كان واجبا عقليا فيكون حسنا عقلا فإذا وجب تصديقه حرم تكذيبه فيكون قبيحا عقلا ورد بأن وجوب تصديقه بمعنى جزم العقل بصدقه للدلائل العقلية مما لا نزاع فيه كالتصديق بوجود الصانع وأما بمعنى استحقاق الثواب والعقاب فيجوز إن ثبت بنص الشارع (قوله سواسية قال الأخفش سواسية أي أشباه فإن سواء فعال وسية يجوز أن يكون فعه أو فلة إلا أن فعه أقيس لأن أكثر ما يلقون موضع اللام وأصلها سوية انقلبت الواو ياء لكسر ما قبلها (قوله كحسن الصدق النافع وقبح الكذب الضار) لا يخفى أن المدرك بالضرورة فيهما هو الحسن والقبح بالمعنى الثاني لا بالمعنى الثالث المتنازع فيه
(١٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الموقف الخامس في الإلهيات 2
2 المرصد الأول في الذات وفيه مقاصد 2
3 المقصد الأول 2
4 المقصد الثاني 14
5 المقصد الثالث 18
6 المرصد الثاني وفيه مقاصد 19
7 المقصد الأول 19
8 المقصد الثاني 25
9 المقصد الثالث 26
10 المقصد الرابع 27
11 المقصد الخامس 28
12 المقصد السادس 31
13 المرصد الثالث في توحيده تعالي 39
14 المرصد في الرابع في الصفات الوجودية 44
15 المقصد الأولى في اثبات الصفات 44
16 المقصد الثاني في قدرته 49
17 المقصد الثالث 64
18 المقصد الرابع 80
19 المقصد الخامس 81
20 المقصد السادس 87
21 المقصد السابع 91
22 المقصد الثامن 104
23 المرصد الخامس وفيه مقصدان 115
24 المقصد الأول 115
25 المقصد الثاني 143
26 المرصد السادس في أفعاله تعالى 145
27 المقصد الأول 145
28 المقصد الثاني 159
29 المقصد الثالث 168
30 المقصد الرابع 173
31 المقصد الخامس 181
32 المقصد السادس 195
33 المقصد السابع 200
34 المقصد الثامن 202
35 المرصد السابع في أسماء الله تعالي 207
36 المقصد الأول 207
37 المقصد الثاني 209
38 المقصد الثالث 210
39 الموقف السادس في السمعيات 217
40 المرصد الأول في النبوات 217
41 المقصد الأول 217
42 المقصد الثاني 222
43 المقصد الثالث 230
44 المقصد الرابع 243
45 الكلام علي القرآن 243
46 المقصد الخامس 263
47 المقصد السادس 280
48 المقصد السابع 281
49 المقصد الثامن 283
50 المقصد التاسع 288
51 المرصد الثاني في المعاد وفيه مقاصد 289
52 المقصد الأول 289
53 المقصد الثاني في حشر الأجسام 294
54 المقصد الثالث 298
55 المقصد الرابع 301
56 المقصد الخامس 303
57 المقصد السادس 306
58 المقصد السابع 309
59 المقصد الثامن 312
60 المقصد التاسع 312
61 المقصد العاشر 314
62 المقصد الحادي عشر 317
63 المقصد الثاني عشر 320
64 المرصد الثاني في الأسماء وفيه مقاصد 322
65 المقصد الأول 322
66 المقصد الثاني 330
67 المقصد الثالث 331
68 المرصد الرابع في الإمامة 344