شرح المواقف - القاضى الجرجانى - ج ٨ - الصفحة ١٩٢
والحدوث) فإن هذا الدليل الذي أوردتموه على كون القبح أمرا موجود جار فيهما مع كونهما اعتباريين (الخامس علة القبح حاصلة قبل الفعل ولذلك أوليس له أن يفعله) فلولا أن ما يقتضي قبحه حاصل قبل وجوده لم يكن كذلك (ويلزم) حينئذ (قيام الصفة الحقيقية بالمعدوم) لأن مقتضي القبح صفة وجودية وقد يقال لو كان القبح ذاتيا لزم تقدم المعلول على علته لأن قبيح الفعل حاصل قبله لما عرفت وعلته إما ذات الفعل وصفته وليس شئ منهما حاصلا قبله (قلنا) لا نسلم أن القبح أو علته حاصل قبل الفعل بل (يحكم العقل باتصافه بالقبح) وبما يقتضيه (إذا حصل وهذا) الحكم (هو المانع من فعله) والإقدام عليه لاتصافه بالقبح أو بما يقتضيه على أن القدماء منهم زعموا أن الذوات ثابتة متقررة في الأزل فيصح عندهم اتصافها بالصفات الثبوتية (ثم للمعتزلة في المسألة طريقان حقيقيان طريقان إلزاميان أما الحقيقيان فأحدهما إن الناس طرا يجزمون بقبح الظلم والكذب الضار والتثليث وقتل الأنبياء بغير حق) وكذا يجزمون بحسن العدل والعدل والصدق النافع والإيمان وعصمة الأنبياء من أنواع الايذاء (وليس ذلك) الجزم منهم بالقبح أو الحسن (بالشرع إذ يقول به غير المتشرع ومن لا يتدين بدين أصلا) كالبراهمة (ولا بالعرف إذا لعرف يختلف بالأمم) على حسب اختلافهم (وهذا) الذي ذكرناه (لا يختلف) بل الأمم قاطبة مطبقون عليه (والجواب أن ذلك) أي جزم العقلاء كلهم بالحسن والقبح في الأمور المذكورة (بمعنى الملائمة والمنافرة أو صفة الكمال والنقص مسلم) إذ لا نزاع لنا في أنهما بهذين المعنيين عقليان (وبالمعنى المتنازع فيه ممنوع) على أنه قد يقال جاز أن يكون هناك عرف عام هو مبدأ لذلك الجزم المشترك
____________________
بالفعل سواء اعتبرهما معتبر أو لا فيلزم قيام العرض بالعرض كذا في شرح الصحائف هذا وقد حقق المحقق التفتازاني في شرح الأصول أن الحسن الشرعي عند التحقيق قديم لا عرض ومتعلق بالفعل لا صفة له فلينظر فيه (قوله الخامس علة القبح الخ) فيه بحث لجواز أن يكون القبح من الصفات النفسية فلا تعلل حينئذ حتى يقال إن علته حاصلة قبله على أنه لا يرد على الجبائية لأن قيام الاعتباري بالمعدوم جائز فالأولى أن يقال القبح حاصل قبل الفعل ولذلك أوليس له أن يفعله فيلزم إما قيام الصفة الحقيقة أعني القبح بالمعدوم أو تقدم الشئ على نفسه (قوله فيصح عندهم اتصافها بالصفات الثبوتية) الصحيح عندهم اتصاف المعدوم بالصفات الثبوتية بمعنى ما لا يكون العدم داخلا في مفهومه لا بمعنى الموجود فيحتمل أن يكون مدعاهم وجود القبح في الخارج بناء على أنه نقيض اللاقبح المعدوم فيه وكذا وجود علته وحينئذ لا اتجاه لقوله على أن القدماء الخ (قوله أن الناس طرا الخ) النصارى القائلون بالتثليث مستثنى من هذا العام (قوله ومن لا يتدين بدين أصلا) جزم من لا يتدين بقبح قبل الأنبياء
(١٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الموقف الخامس في الإلهيات 2
2 المرصد الأول في الذات وفيه مقاصد 2
3 المقصد الأول 2
4 المقصد الثاني 14
5 المقصد الثالث 18
6 المرصد الثاني وفيه مقاصد 19
7 المقصد الأول 19
8 المقصد الثاني 25
9 المقصد الثالث 26
10 المقصد الرابع 27
11 المقصد الخامس 28
12 المقصد السادس 31
13 المرصد الثالث في توحيده تعالي 39
14 المرصد في الرابع في الصفات الوجودية 44
15 المقصد الأولى في اثبات الصفات 44
16 المقصد الثاني في قدرته 49
17 المقصد الثالث 64
18 المقصد الرابع 80
19 المقصد الخامس 81
20 المقصد السادس 87
21 المقصد السابع 91
22 المقصد الثامن 104
23 المرصد الخامس وفيه مقصدان 115
24 المقصد الأول 115
25 المقصد الثاني 143
26 المرصد السادس في أفعاله تعالى 145
27 المقصد الأول 145
28 المقصد الثاني 159
29 المقصد الثالث 168
30 المقصد الرابع 173
31 المقصد الخامس 181
32 المقصد السادس 195
33 المقصد السابع 200
34 المقصد الثامن 202
35 المرصد السابع في أسماء الله تعالي 207
36 المقصد الأول 207
37 المقصد الثاني 209
38 المقصد الثالث 210
39 الموقف السادس في السمعيات 217
40 المرصد الأول في النبوات 217
41 المقصد الأول 217
42 المقصد الثاني 222
43 المقصد الثالث 230
44 المقصد الرابع 243
45 الكلام علي القرآن 243
46 المقصد الخامس 263
47 المقصد السادس 280
48 المقصد السابع 281
49 المقصد الثامن 283
50 المقصد التاسع 288
51 المرصد الثاني في المعاد وفيه مقاصد 289
52 المقصد الأول 289
53 المقصد الثاني في حشر الأجسام 294
54 المقصد الثالث 298
55 المقصد الرابع 301
56 المقصد الخامس 303
57 المقصد السادس 306
58 المقصد السابع 309
59 المقصد الثامن 312
60 المقصد التاسع 312
61 المقصد العاشر 314
62 المقصد الحادي عشر 317
63 المقصد الثاني عشر 320
64 المرصد الثاني في الأسماء وفيه مقاصد 322
65 المقصد الأول 322
66 المقصد الثاني 330
67 المقصد الثالث 331
68 المرصد الرابع في الإمامة 344