والحدوث) فإن هذا الدليل الذي أوردتموه على كون القبح أمرا موجود جار فيهما مع كونهما اعتباريين (الخامس علة القبح حاصلة قبل الفعل ولذلك أوليس له أن يفعله) فلولا أن ما يقتضي قبحه حاصل قبل وجوده لم يكن كذلك (ويلزم) حينئذ (قيام الصفة الحقيقية بالمعدوم) لأن مقتضي القبح صفة وجودية وقد يقال لو كان القبح ذاتيا لزم تقدم المعلول على علته لأن قبيح الفعل حاصل قبله لما
عرفت وعلته إما ذات الفعل وصفته وليس شئ منهما حاصلا قبله (قلنا) لا نسلم أن القبح أو علته حاصل قبل الفعل بل (يحكم العقل باتصافه بالقبح) وبما يقتضيه (إذا حصل وهذا) الحكم (هو المانع من فعله) والإقدام عليه لاتصافه بالقبح أو بما يقتضيه على أن القدماء منهم زعموا أن الذوات ثابتة متقررة في الأزل فيصح عندهم اتصافها بالصفات الثبوتية (ثم
للمعتزلة في المسألة طريقان حقيقيان طريقان إلزاميان أما الحقيقيان فأحدهما إن الناس طرا يجزمون بقبح
الظلم والكذب الضار والتثليث
وقتل الأنبياء بغير حق) وكذا يجزمون بحسن العدل والعدل والصدق النافع والإيمان وعصمة الأنبياء من أنواع الايذاء (وليس ذلك) الجزم منهم بالقبح أو الحسن (بالشرع إذ يقول به غير المتشرع ومن لا يتدين بدين أصلا) كالبراهمة (ولا بالعرف إذا لعرف يختلف بالأمم) على حسب اختلافهم (وهذا) الذي ذكرناه (لا يختلف) بل الأمم قاطبة مطبقون عليه (والجواب أن ذلك) أي جزم العقلاء كلهم
بالحسن والقبح في الأمور المذكورة (بمعنى الملائمة والمنافرة أو صفة الكمال والنقص مسلم) إذ لا نزاع لنا في أنهما بهذين المعنيين عقليان (وبالمعنى المتنازع فيه ممنوع) على أنه قد يقال جاز أن يكون هناك عرف عام هو مبدأ لذلك الجزم المشترك
____________________
بالفعل سواء اعتبرهما معتبر أو لا فيلزم قيام العرض بالعرض كذا في شرح الصحائف هذا وقد حقق المحقق التفتازاني في شرح الأصول أن الحسن الشرعي عند التحقيق قديم لا عرض ومتعلق بالفعل لا صفة له فلينظر فيه (قوله الخامس علة القبح الخ) فيه بحث لجواز أن يكون القبح من الصفات النفسية فلا تعلل حينئذ حتى يقال إن علته حاصلة قبله على أنه لا يرد على الجبائية لأن قيام الاعتباري بالمعدوم جائز فالأولى أن يقال القبح حاصل قبل الفعل ولذلك أوليس له أن يفعله فيلزم إما قيام الصفة الحقيقة أعني القبح بالمعدوم أو تقدم الشئ على نفسه (قوله فيصح عندهم اتصافها بالصفات الثبوتية) الصحيح عندهم اتصاف المعدوم بالصفات الثبوتية بمعنى ما لا يكون العدم داخلا في مفهومه لا بمعنى الموجود فيحتمل أن يكون مدعاهم وجود القبح في الخارج بناء على أنه نقيض اللاقبح المعدوم فيه وكذا وجود علته وحينئذ لا اتجاه لقوله على أن القدماء الخ (قوله أن الناس طرا الخ) النصارى القائلون بالتثليث مستثنى من هذا العام (قوله ومن لا يتدين بدين أصلا) جزم من لا يتدين بقبح قبل الأنبياء