شرح المواقف - القاضى الجرجانى - ج ٨ - الصفحة ١٨٩
(لا يزول) عن الذات وهو ظاهر (واللازم باطل فإنه) أي الكذب (قد يحسن إذا كان فيه عصمة دم نبي) من ظالم (بل يجب) الكذب حينئذ لأنه دفع للظالم على المظلوم (ويذم تاركه فيه قطعا) فقد تصف الكذب بغاية الحسن (وكذا) يحسن بل يجب (إذا كان فيه إنجاء متوعد بالقتل) ظلما لا يقال الحسن والواجب هو العصمة والإنجاء وقد يحصلان بدون الكذب إذ يمكن أن يأتي بصورة الخبر بلا قصد إلى الإخبار أو يقصد بكلامه معنى آخر بطريق التعريض والتورية فلا يكون كاذبا في نفس الأمر ومن ثمة قيل إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب وإذا لم يتعين الكذب للدفع كان الإتيان به قبيحا لا حسنا لأنا نقول قد يضيق السائل عليه في السؤال بحيث لا يمكنه عدم القصد والتعريض ولو جوز حمل كلامه في مثل هذا المقام على عدم القصد بالكلية أو على قصد أي معنى كان لم يحصل الجزم بالقصد في شئ من الإخبار ولا يكون شئ منها كذبا إذ لا كلام إلا ويمكن أن يقدر فيه من الحذف والزيادة ما يصير معه صادقا وإذا حسن الكذب ههنا قبح الصدق لأنه إعانة للظالم على ظلمه فلا يكون حسن الصدق أيضا ذاتيا وكذا الحال في سائر الأفعال (وللأصحاب) في إبطال التحسين والتقبيح العقليين (مسالك ضعيفة تذكرها ونشير إلى وجه ضعفها أحدها من قال لأكذبن غدا فإذا جاء الغد فكذبه أما حسن فليس الكذب قبيحا لذاته وأما قبيح فتركه حسن مع أنه) أي تركه (يستلزمه كذبه فيما قاله أمس ومستلزم القبيح قبيح) فيلزم أن يكون هذا الترك حسنا وقبيحا معا وهو باطل فتعين الأول وهو أن لا يكون قبح الكذب ذاتيا لانقلابه حسنا وهو المطلوب (قلنا لا نسلم أن مستلزم القبيح قبيح لأن الحسن لذاته قد يستلزم القبيح فتتعدد جهة الحسن والقبح فيه وأنه غير ممتنع) فيكون مثلا الكلام الواحد من حيث تعلقه بالمخبر عنه على ما هو به حسنا ومن حيث استلزامه للقبيح الذي هو الكذب فيما قاله أمس قبيحا ومثل ذلك جائز عند الجبائية القائلين بالوجوه والاعتبارات فلا ينتهض هذا المسلك حجة عليهم كما أن الوجه الثاني كذلك إذ يتجه هناك
____________________
والقبح في شئ أو تخلف القبح عما لا يجوز تخلفه عنه فتأمل (قوله لا نسلم أن مستلزم القبيح قبيح) أي لا نسلم أنه قبيح مطلقا حتى لا يجامع الحسن في الجملة فلا ينافي في هذا المنع قوله فيتعدد جهة الحسن والقبح (قوله فيكون مثلا الكلام الواحد الخ) إنما قال مثلا لأن ترك الكذب قد يحصل بالسكوت فليس يلزم على الشق الثاني أن يتحقق كلام يكون حسنا وقبيحا باعتبارين وبهذا يندفع ما قيل من أن قوله والكلام الواحد لا يلائم السياق فإن الكلام
(١٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الموقف الخامس في الإلهيات 2
2 المرصد الأول في الذات وفيه مقاصد 2
3 المقصد الأول 2
4 المقصد الثاني 14
5 المقصد الثالث 18
6 المرصد الثاني وفيه مقاصد 19
7 المقصد الأول 19
8 المقصد الثاني 25
9 المقصد الثالث 26
10 المقصد الرابع 27
11 المقصد الخامس 28
12 المقصد السادس 31
13 المرصد الثالث في توحيده تعالي 39
14 المرصد في الرابع في الصفات الوجودية 44
15 المقصد الأولى في اثبات الصفات 44
16 المقصد الثاني في قدرته 49
17 المقصد الثالث 64
18 المقصد الرابع 80
19 المقصد الخامس 81
20 المقصد السادس 87
21 المقصد السابع 91
22 المقصد الثامن 104
23 المرصد الخامس وفيه مقصدان 115
24 المقصد الأول 115
25 المقصد الثاني 143
26 المرصد السادس في أفعاله تعالى 145
27 المقصد الأول 145
28 المقصد الثاني 159
29 المقصد الثالث 168
30 المقصد الرابع 173
31 المقصد الخامس 181
32 المقصد السادس 195
33 المقصد السابع 200
34 المقصد الثامن 202
35 المرصد السابع في أسماء الله تعالي 207
36 المقصد الأول 207
37 المقصد الثاني 209
38 المقصد الثالث 210
39 الموقف السادس في السمعيات 217
40 المرصد الأول في النبوات 217
41 المقصد الأول 217
42 المقصد الثاني 222
43 المقصد الثالث 230
44 المقصد الرابع 243
45 الكلام علي القرآن 243
46 المقصد الخامس 263
47 المقصد السادس 280
48 المقصد السابع 281
49 المقصد الثامن 283
50 المقصد التاسع 288
51 المرصد الثاني في المعاد وفيه مقاصد 289
52 المقصد الأول 289
53 المقصد الثاني في حشر الأجسام 294
54 المقصد الثالث 298
55 المقصد الرابع 301
56 المقصد الخامس 303
57 المقصد السادس 306
58 المقصد السابع 309
59 المقصد الثامن 312
60 المقصد التاسع 312
61 المقصد العاشر 314
62 المقصد الحادي عشر 317
63 المقصد الثاني عشر 320
64 المرصد الثاني في الأسماء وفيه مقاصد 322
65 المقصد الأول 322
66 المقصد الثاني 330
67 المقصد الثالث 331
68 المرصد الرابع في الإمامة 344