(لا يزول) عن الذات وهو ظاهر (واللازم باطل فإنه) أي
الكذب (قد يحسن إذا كان فيه عصمة دم نبي) من
ظالم (بل يجب)
الكذب حينئذ لأنه دفع للظالم على
المظلوم (ويذم تاركه فيه قطعا) فقد تصف
الكذب بغاية الحسن (وكذا) يحسن بل يجب (إذا كان فيه إنجاء متوعد
بالقتل) ظلما لا يقال الحسن والواجب هو العصمة والإنجاء وقد يحصلان بدون
الكذب إذ يمكن أن يأتي بصورة الخبر بلا قصد إلى الإخبار أو يقصد بكلامه معنى آخر بطريق التعريض والتورية فلا يكون كاذبا في نفس الأمر ومن ثمة قيل إن في المعاريض لمندوحة عن
الكذب وإذا لم يتعين
الكذب للدفع كان الإتيان به قبيحا لا حسنا لأنا نقول قد يضيق السائل عليه في السؤال بحيث لا يمكنه عدم القصد والتعريض ولو
جوز حمل كلامه في مثل هذا المقام على عدم القصد بالكلية أو على قصد أي معنى كان لم يحصل الجزم بالقصد في شئ من الإخبار ولا يكون شئ منها كذبا إذ لا كلام إلا ويمكن أن يقدر فيه من الحذف والزيادة ما يصير معه صادقا وإذا حسن
الكذب ههنا قبح
الصدق لأنه إعانة للظالم على ظلمه فلا يكون حسن
الصدق أيضا ذاتيا وكذا الحال في سائر الأفعال (وللأصحاب) في إبطال التحسين والتقبيح العقليين (مسالك ضعيفة تذكرها ونشير إلى وجه ضعفها أحدها من قال لأكذبن غدا فإذا جاء الغد فكذبه أما حسن فليس
الكذب قبيحا لذاته وأما قبيح فتركه حسن مع أنه) أي تركه (يستلزمه كذبه فيما قاله أمس ومستلزم القبيح قبيح) فيلزم أن يكون هذا الترك حسنا وقبيحا معا وهو باطل فتعين الأول وهو أن لا يكون قبح
الكذب ذاتيا لانقلابه حسنا وهو المطلوب (قلنا لا نسلم أن مستلزم القبيح قبيح لأن الحسن لذاته قد يستلزم القبيح فتتعدد جهة
الحسن والقبح فيه وأنه غير ممتنع) فيكون مثلا الكلام الواحد من حيث تعلقه بالمخبر عنه على ما هو به حسنا ومن حيث استلزامه للقبيح الذي هو
الكذب فيما قاله أمس قبيحا ومثل ذلك جائز عند الجبائية القائلين بالوجوه والاعتبارات فلا ينتهض هذا المسلك
حجة عليهم كما أن الوجه الثاني كذلك إذ يتجه هناك
____________________
والقبح في شئ أو تخلف القبح عما لا يجوز تخلفه عنه فتأمل (قوله لا نسلم أن مستلزم القبيح قبيح) أي لا نسلم أنه قبيح مطلقا حتى لا يجامع الحسن في الجملة فلا ينافي في هذا المنع قوله فيتعدد جهة الحسن والقبح (قوله فيكون مثلا الكلام الواحد الخ) إنما قال مثلا لأن ترك الكذب قد يحصل بالسكوت فليس يلزم على الشق الثاني أن يتحقق كلام يكون حسنا وقبيحا باعتبارين وبهذا يندفع ما قيل من أن قوله والكلام الواحد لا يلائم السياق فإن الكلام