أفعاله (فيكون مجبورا) فيها فلا يتصف شئ منها
بالحسن والقبح العقليين بالإجماع المركب أما عندنا فلأنه لا مدخل للعقل فيهما وأما عندهم فلأنهما من صفات الأفعال الاختيارية (فإن قيل هذا) أي استدلالكم على كون العبد مجبورا (نصب للدليل في مقابلة الضرورة) إذ كل واحد من العقلاء يعلم أن له اختيارا في أفعاله يفرق بين الاختياري والاضطراري منها (فلا يسمع) لأنه سفسطة باطلة ومكابرة ظاهرة (وأيضا فإنه) أي دليلكم (ينفي قدرة الله تعالى لاطراد الدليل في أفعاله والمقدمات المقدمات والتقرير التقرير) فيقال إن لم يتمكن من الترك فذاك وإن تمكن منه لم
يتوقف الفعل على مرجح إلى آخر ما مر فقد انتقض الدليل المذكور بأفعاله تعالى (وأيضا فإنه) أي هذا الدليل كما ينفي
الحسن والقبح العقليين (ينفي) أيضا (
الحسن والقبح الشرعيين) المتفرعين على ثبوت التكليف وإذا كان العبد مجبورا لم يثبت عليه تكليف (لأنه تكليف ما لا يطاق) ونحن لا نجوزه (وأنتم وإن جوزتموه فلا تقولون بوقوعه ولا يكون كل التكاليف كذلك) أي تكليفا بما لا يطاق كما لزم من دليلكم والحاصل أن كون العبد مجبورا ينافي كونه مكلفا فلا يوصف فعله بحسن ولا قبح شرعي مع أنهما ثابتان عندكم فانتقض دليلكم بهما فما هو جوابكم فهو جوابنا وإلا ظهر أن يقال إنه ينفي الشرعيين أيضا لأنهما من صفات الأفعال الاختيارية فإن حركة المرتعش والنائم والمغمى عليه لا توصف في الشرع بحسن ولا قبح ويستلزم أيضا كون التكاليف بأسرها تكليفا بما لا يطاق ولا قائل به (وأيضا فالمرجح) الذي
يتوقف عليه فعل العبد (داع له يقتضي اختياره) الموجب (للفعل وذلك لا ينفي الاختيار) بل يثبته وهذا السؤال هو الحل وما قبله إما نقض أو في حكمه (قلنا أما الأول فلأن الضروري وجود القدرة) والاختيار (لا وقوع الفعل بقدرته) واختياره واستدلالنا إنما هو على نفي الثاني دون الأول فلا يكون مصادما للضرورة (وأما الثاني) وهو النقض بأفعال الباري (فالمقدمة القائلة بأن الفعل الواقع لا لمرجح اتفاقي) لا اختياري (إنما هي مقدمة إلزامية بالنسبة إلى
المعتزلة) القائلين بأن قدرة العبد لا تؤثر في فعل إلا إذا انضم إليها مرجح) يسمونه الداعي (ونحن لا نقول بها فإن الترجيح
____________________
الأوقات وهو ظاهر (قوله والأظهر أن يقال الخ) أي الأظهر أن يجعل كل من لزوم نفي الشرعيين وتكليف ما لا يطاق فسادا مستقلا لا أن يجعل اللازم هو الأول ويجعل الثاني دليلا عليه كما هو الظاهر من كلام المصنف وإن كان المتبادر من كلام الشارح أنه تعليل المقدر (قوله إما نقض أو في حكمه) كونه نقضا بالنظر إلى لزوم نفي قدرة