شرح المواقف - القاضى الجرجانى - ج ٨ - الصفحة ١٨٦
أفعاله (فيكون مجبورا) فيها فلا يتصف شئ منها بالحسن والقبح العقليين بالإجماع المركب أما عندنا فلأنه لا مدخل للعقل فيهما وأما عندهم فلأنهما من صفات الأفعال الاختيارية (فإن قيل هذا) أي استدلالكم على كون العبد مجبورا (نصب للدليل في مقابلة الضرورة) إذ كل واحد من العقلاء يعلم أن له اختيارا في أفعاله يفرق بين الاختياري والاضطراري منها (فلا يسمع) لأنه سفسطة باطلة ومكابرة ظاهرة (وأيضا فإنه) أي دليلكم (ينفي قدرة الله تعالى لاطراد الدليل في أفعاله والمقدمات المقدمات والتقرير التقرير) فيقال إن لم يتمكن من الترك فذاك وإن تمكن منه لم يتوقف الفعل على مرجح إلى آخر ما مر فقد انتقض الدليل المذكور بأفعاله تعالى (وأيضا فإنه) أي هذا الدليل كما ينفي الحسن والقبح العقليين (ينفي) أيضا (الحسن والقبح الشرعيين) المتفرعين على ثبوت التكليف وإذا كان العبد مجبورا لم يثبت عليه تكليف (لأنه تكليف ما لا يطاق) ونحن لا نجوزه (وأنتم وإن جوزتموه فلا تقولون بوقوعه ولا يكون كل التكاليف كذلك) أي تكليفا بما لا يطاق كما لزم من دليلكم والحاصل أن كون العبد مجبورا ينافي كونه مكلفا فلا يوصف فعله بحسن ولا قبح شرعي مع أنهما ثابتان عندكم فانتقض دليلكم بهما فما هو جوابكم فهو جوابنا وإلا ظهر أن يقال إنه ينفي الشرعيين أيضا لأنهما من صفات الأفعال الاختيارية فإن حركة المرتعش والنائم والمغمى عليه لا توصف في الشرع بحسن ولا قبح ويستلزم أيضا كون التكاليف بأسرها تكليفا بما لا يطاق ولا قائل به (وأيضا فالمرجح) الذي يتوقف عليه فعل العبد (داع له يقتضي اختياره) الموجب (للفعل وذلك لا ينفي الاختيار) بل يثبته وهذا السؤال هو الحل وما قبله إما نقض أو في حكمه (قلنا أما الأول فلأن الضروري وجود القدرة) والاختيار (لا وقوع الفعل بقدرته) واختياره واستدلالنا إنما هو على نفي الثاني دون الأول فلا يكون مصادما للضرورة (وأما الثاني) وهو النقض بأفعال الباري (فالمقدمة القائلة بأن الفعل الواقع لا لمرجح اتفاقي) لا اختياري (إنما هي مقدمة إلزامية بالنسبة إلى المعتزلة) القائلين بأن قدرة العبد لا تؤثر في فعل إلا إذا انضم إليها مرجح) يسمونه الداعي (ونحن لا نقول بها فإن الترجيح
____________________
الأوقات وهو ظاهر (قوله والأظهر أن يقال الخ) أي الأظهر أن يجعل كل من لزوم نفي الشرعيين وتكليف ما لا يطاق فسادا مستقلا لا أن يجعل اللازم هو الأول ويجعل الثاني دليلا عليه كما هو الظاهر من كلام المصنف وإن كان المتبادر من كلام الشارح أنه تعليل المقدر (قوله إما نقض أو في حكمه) كونه نقضا بالنظر إلى لزوم نفي قدرة
(١٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الموقف الخامس في الإلهيات 2
2 المرصد الأول في الذات وفيه مقاصد 2
3 المقصد الأول 2
4 المقصد الثاني 14
5 المقصد الثالث 18
6 المرصد الثاني وفيه مقاصد 19
7 المقصد الأول 19
8 المقصد الثاني 25
9 المقصد الثالث 26
10 المقصد الرابع 27
11 المقصد الخامس 28
12 المقصد السادس 31
13 المرصد الثالث في توحيده تعالي 39
14 المرصد في الرابع في الصفات الوجودية 44
15 المقصد الأولى في اثبات الصفات 44
16 المقصد الثاني في قدرته 49
17 المقصد الثالث 64
18 المقصد الرابع 80
19 المقصد الخامس 81
20 المقصد السادس 87
21 المقصد السابع 91
22 المقصد الثامن 104
23 المرصد الخامس وفيه مقصدان 115
24 المقصد الأول 115
25 المقصد الثاني 143
26 المرصد السادس في أفعاله تعالى 145
27 المقصد الأول 145
28 المقصد الثاني 159
29 المقصد الثالث 168
30 المقصد الرابع 173
31 المقصد الخامس 181
32 المقصد السادس 195
33 المقصد السابع 200
34 المقصد الثامن 202
35 المرصد السابع في أسماء الله تعالي 207
36 المقصد الأول 207
37 المقصد الثاني 209
38 المقصد الثالث 210
39 الموقف السادس في السمعيات 217
40 المرصد الأول في النبوات 217
41 المقصد الأول 217
42 المقصد الثاني 222
43 المقصد الثالث 230
44 المقصد الرابع 243
45 الكلام علي القرآن 243
46 المقصد الخامس 263
47 المقصد السادس 280
48 المقصد السابع 281
49 المقصد الثامن 283
50 المقصد التاسع 288
51 المرصد الثاني في المعاد وفيه مقاصد 289
52 المقصد الأول 289
53 المقصد الثاني في حشر الأجسام 294
54 المقصد الثالث 298
55 المقصد الرابع 301
56 المقصد الخامس 303
57 المقصد السادس 306
58 المقصد السابع 309
59 المقصد الثامن 312
60 المقصد التاسع 312
61 المقصد العاشر 314
62 المقصد الحادي عشر 317
63 المقصد الثاني عشر 320
64 المرصد الثاني في الأسماء وفيه مقاصد 322
65 المقصد الأول 322
66 المقصد الثاني 330
67 المقصد الثالث 331
68 المرصد الرابع في الإمامة 344