شرح المواقف - القاضى الجرجانى - ج ٨ - الصفحة ١٧٤
الله وقوعه ويكره تركه وإن كان حراما فبعكسه والمندوب يريد وقوعه ولا يكره تركه والمكروه عكسه وأما المباح وأفعال غير المكلف فلا يتعلق بها إرادة ولا كراهة (لنا أما أنه مريد للكائنات) بأسرها (فلأنه خالق الأشياء كلها لما مر) من استناد جميع الحوادث إلى قدرته تعالى ابتداء (وخالق الشئ بلا إكراه مريدا له) بالضرورة (وأيضا) قد ثبت أن جميع الممكنات مقدورة لله تعالى فلا بد في اختصاص بعضها بالوقوع وبأوقاتها المخصوصة من مخصص وهو الإرادة وهذا معنى قوله (فالصفة المرجحة لأحد المقدورين هو الإرادة) كما مر (ولا بد منها) أي من الصفة المرجحة في إيجاد بعض المقدورات دون بعض وفي تخصيص الموجودات بأوقاتها (وأما أنه غير مريد لما لا يكون فلأنه تعالى علم من الكافر) مثلا (أنه لا يؤمن فكان الإيمان منه محالا) لامتناع أن ينقلب العلم جهلا (والله تعالى عالم باستحالته والعالم باستحالة الشئ لا يريده) بالضرورة وأيضا لو أرده فأما أن يقع فيلزم الانقلاب أولا فيلزم عجزه وقصوره عن تحقيق مراده (ولأنه لا يتصور منه) أي من العالم باستحالة الشئ (صفة مرجحة لأحد طرفيه) لأن أحدهما مستحيل والآخر واجب فلا معنى لترجيح الصفة وفيه بحث لأن عدم إيمان الكافر مراد الله مع كونه واجبا وأيضا هو منقوض بما علم الله وجوده كإيمان المؤمن فإن أحد طرفيه واجب والآخر ممتنع فلا وجه لترجيح الصفة ويعضد (هذا) الذي هو مذهبنا (إجماع السلف والخلف في جميع الأعصار والأمصار
____________________
الباري تعالى فالحق أن قياس الغائب على الشاهد فيما ذكر مما لا وجه له كيف وصبر الله تعالى وحلمه بحر لا نهاية له فكيف يقاس في السعة والإحاطة على صبر عباده الذي هو بمنزلة القطرة منه نعم ما أراده الله تعالى إرادة تامة لا يتخلف عنها وأما ما أراده أن يفعله العبد برغبته واختياره ابتلاء له ففي عدم جواز تخلفه بحث ظاهر (قوله وخالق الشئ بلا إكراه مريد له) فيه بحث لأن الخلق المطلق لا يدل على الإرادة لاحتمال الايجاب والخلق بالقدرة يدل لكن يؤول هذا الدليل حينئذ إلى الدليل الثاني وأيضا يكون قوله بلا إكراه مستدركا والجواب أن المراد الخلق بالقدرة لكن نفي الاكراه بعد ثبوت القدرة يكفي في إثبات الإرادة ولا يلاحظ ههنا أن مخصص بعض المقدورات بالوقوع هو الإرادة بخلاف الوجه الثاني فإن مثبت الإرادة فيه هو هذا (قوله قد ثبت أن جميع الممكنات مقدورة لله تعالى) فائدة إلحاق هذا الكلام دفع ما يقال من أن الإرادة مرجحة في فعل المريد لا في فعل الغير فعلى تقدير كون أفعال العباد مخلوقة لهم لا يحتاج إلى إرادته تعالى أعني التخصيص فيها (قوله وفيه بحث لأن عدم إيمان الكافر الخ) فيه بحث لأن هذا إنما يرد على توجيه كلام المصنف في حمل أحد الطرفين فيه على الأحد الغير المعين وأما لو حمل على أحدهما معينا أعني الطرف المستحيل فلا إذ عدم تصور الصفة المرجحة في الطرف الممتنع ظاهر بخلافه في الطرف الواجب فإن الوجوب أثر العلم والعلم يتبع الوقوع والوقوع أثر الإرادة القديمة فليتأمل
(١٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الموقف الخامس في الإلهيات 2
2 المرصد الأول في الذات وفيه مقاصد 2
3 المقصد الأول 2
4 المقصد الثاني 14
5 المقصد الثالث 18
6 المرصد الثاني وفيه مقاصد 19
7 المقصد الأول 19
8 المقصد الثاني 25
9 المقصد الثالث 26
10 المقصد الرابع 27
11 المقصد الخامس 28
12 المقصد السادس 31
13 المرصد الثالث في توحيده تعالي 39
14 المرصد في الرابع في الصفات الوجودية 44
15 المقصد الأولى في اثبات الصفات 44
16 المقصد الثاني في قدرته 49
17 المقصد الثالث 64
18 المقصد الرابع 80
19 المقصد الخامس 81
20 المقصد السادس 87
21 المقصد السابع 91
22 المقصد الثامن 104
23 المرصد الخامس وفيه مقصدان 115
24 المقصد الأول 115
25 المقصد الثاني 143
26 المرصد السادس في أفعاله تعالى 145
27 المقصد الأول 145
28 المقصد الثاني 159
29 المقصد الثالث 168
30 المقصد الرابع 173
31 المقصد الخامس 181
32 المقصد السادس 195
33 المقصد السابع 200
34 المقصد الثامن 202
35 المرصد السابع في أسماء الله تعالي 207
36 المقصد الأول 207
37 المقصد الثاني 209
38 المقصد الثالث 210
39 الموقف السادس في السمعيات 217
40 المرصد الأول في النبوات 217
41 المقصد الأول 217
42 المقصد الثاني 222
43 المقصد الثالث 230
44 المقصد الرابع 243
45 الكلام علي القرآن 243
46 المقصد الخامس 263
47 المقصد السادس 280
48 المقصد السابع 281
49 المقصد الثامن 283
50 المقصد التاسع 288
51 المرصد الثاني في المعاد وفيه مقاصد 289
52 المقصد الأول 289
53 المقصد الثاني في حشر الأجسام 294
54 المقصد الثالث 298
55 المقصد الرابع 301
56 المقصد الخامس 303
57 المقصد السادس 306
58 المقصد السابع 309
59 المقصد الثامن 312
60 المقصد التاسع 312
61 المقصد العاشر 314
62 المقصد الحادي عشر 317
63 المقصد الثاني عشر 320
64 المرصد الثاني في الأسماء وفيه مقاصد 322
65 المقصد الأول 322
66 المقصد الثاني 330
67 المقصد الثالث 331
68 المرصد الرابع في الإمامة 344