____________________
كذا ذكره الأبهري (قوله والجواب منه وجوب الأصلح) فإن قلت سلمنا ذلك لكن الكذب في الكلام ينافي حكمة إرسال الرسل ويجاب بأن إحاطة كل حكمة مما لا يأتي في القوى القاصرة فلعل فيما فعله حكمة جليلة لا تطلع عليها (قوله والنقص على الله تعالى محال إجماعا) فإن قلت لا شك أن عدم إرساله تعالى نوحا عليه السلام إلى قومه ممكن لأن الارسال غير واجب عليه تعالى بل واقع باختياره والإنكار مكابرة فيلزم إمكان النقص قلت إمكان النقص إنما يلزم إذا أمكن اجتماع عدم الارسال مع صدور قوله تعالى إنا أرسلنا نوحا إلى قومه وهو ممنوع وامتناع هذا الاجتماع لا ينافي إمكان عدم الارسال في نفسه بناء على قاعدة الاختيار فتدبر (قوله أشار إلى دفعه بقوله واعلم الخ) لا يخفى أن ظاهر قول المصنف واعلم الخ هو الاعتراض على الوجه الأول المذكور في المتن ولما توجه عليه أن اللازم من الكذب النقص من جهة صفته الذاتية لا النقص في الفعل والمتنازع في جواز الثاني لا الأول فإنه ممتنع بالإجماع كما ستعرف تكلف الشارح في توجيه كلامه بتقدير سؤال بأن الدليل المذكور لا يدل على امتناع الكذب في كلامه اللفظي وجواب بأنه يدل عليه أيضا لأن خلق الكاذب نقص في فعله وجعل هذا الكلام اعتراضا على الجواب المقدر وأنت خبير بأن هذا لا يخلو عن تمحل لكن الشارح تبع فيه الأبهري وهو تلميذ المصنف فاعلم بمراده وإلا فالأقرب أن نجعل اعتراضا على أصل الدليل في المتن فإنه لما قيل أن الكذب نقص وهو محال عليه تعالى وأفاد ظاهرا أن لا يكون كاذبا في كلامه على الاطلاق اتجه أن يقال إنما يدل ذلك على انتفاء الكذب عليه مطلقا لو كان النقص في فعله غير القبح العقلي الذي نحن لا نقول به لكن لم يظهر كونه غيره (قوله لكان كذبه قديما إذ لا يقوم الحادث بذاته تعالى) المراد بالكذب الكلام الكاذب وبالصدق الكلام الصادق ولذا قال الأبهري في تقرير هذا الوجه الثاني لو جاز عليه الكلام الكاذب لكان ذلك الكلام قديما لامتناع قيام الحادث بذاته تعالى الخ ولا شك في كونه صفة حقيقية ثم التعلق الذي يتوقف عليه الاتصاف بالخبرية