شرح المواقف - القاضى الجرجانى - ج ٨ - الصفحة ١٠١
فلا يجوز إخلاله به (والجواب منع وجوب الأصلح) إذ لا يجب عليه شئ أصلا بل هو متعال عن ذلك قطعا (وأما) امتناع الكذب عليه (عندنا فثلاثة أوجه * الأول أنه نقص والنقص على الله تعالى محال) إجماعا (وأيضا فيلزم) على تقدير أن يقع الكذب في كلامه (أن تكون) نحن (أكمل منه في بعض لأوقات) أعني وقت صدقنا في كلامنا وهذا الوجه إنما يدل على أن الكلام النفسي لدي هو صفة قائمة بذاته يكون صادقا وإلا لزم النقصان في صفته تعالى مع كمال صفتنا ولا يدل على صدقه في الحروف والكلمات التي يخلقها في جسم دالة على معان مقصودة ولما كان لقائل أن يقول خلق الكاذب أيضا نقص في فعله فيعود المحذور بعينه أشار إلى دفعه بقوله (واعلم أنه لم يظهر لي فرق) بين النقص في الفعل وبين القبح العقلي) فيه (فإن النقص في الأفعال هو القبح العقلي بعينه) فيها (وإنما تختلف العبارة) دون المعنى فأصحابنا المنكرون للقبح العقلي كيف يتمسكون في دفع الكذب عن الكلام اللفظي بلزوم النقص في أفعاله تعالى (الثاني أنه لو اتصف بالكذب لكان كذبه قديما
____________________
كذا ذكره الأبهري (قوله والجواب منه وجوب الأصلح) فإن قلت سلمنا ذلك لكن الكذب في الكلام ينافي حكمة إرسال الرسل ويجاب بأن إحاطة كل حكمة مما لا يأتي في القوى القاصرة فلعل فيما فعله حكمة جليلة لا تطلع عليها (قوله والنقص على الله تعالى محال إجماعا) فإن قلت لا شك أن عدم إرساله تعالى نوحا عليه السلام إلى قومه ممكن لأن الارسال غير واجب عليه تعالى بل واقع باختياره والإنكار مكابرة فيلزم إمكان النقص قلت إمكان النقص إنما يلزم إذا أمكن اجتماع عدم الارسال مع صدور قوله تعالى إنا أرسلنا نوحا إلى قومه وهو ممنوع وامتناع هذا الاجتماع لا ينافي إمكان عدم الارسال في نفسه بناء على قاعدة الاختيار فتدبر (قوله أشار إلى دفعه بقوله واعلم الخ) لا يخفى أن ظاهر قول المصنف واعلم الخ هو الاعتراض على الوجه الأول المذكور في المتن ولما توجه عليه أن اللازم من الكذب النقص من جهة صفته الذاتية لا النقص في الفعل والمتنازع في جواز الثاني لا الأول فإنه ممتنع بالإجماع كما ستعرف تكلف الشارح في توجيه كلامه بتقدير سؤال بأن الدليل المذكور لا يدل على امتناع الكذب في كلامه اللفظي وجواب بأنه يدل عليه أيضا لأن خلق الكاذب نقص في فعله وجعل هذا الكلام اعتراضا على الجواب المقدر وأنت خبير بأن هذا لا يخلو عن تمحل لكن الشارح تبع فيه الأبهري وهو تلميذ المصنف فاعلم بمراده وإلا فالأقرب أن نجعل اعتراضا على أصل الدليل في المتن فإنه لما قيل أن الكذب نقص وهو محال عليه تعالى وأفاد ظاهرا أن لا يكون كاذبا في كلامه على الاطلاق اتجه أن يقال إنما يدل ذلك على انتفاء الكذب عليه مطلقا لو كان النقص في فعله غير القبح العقلي الذي نحن لا نقول به لكن لم يظهر كونه غيره (قوله لكان كذبه قديما إذ لا يقوم الحادث بذاته تعالى) المراد بالكذب الكلام الكاذب وبالصدق الكلام الصادق ولذا قال الأبهري في تقرير هذا الوجه الثاني لو جاز عليه الكلام الكاذب لكان ذلك الكلام قديما لامتناع قيام الحادث بذاته تعالى الخ ولا شك في كونه صفة حقيقية ثم التعلق الذي يتوقف عليه الاتصاف بالخبرية
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الموقف الخامس في الإلهيات 2
2 المرصد الأول في الذات وفيه مقاصد 2
3 المقصد الأول 2
4 المقصد الثاني 14
5 المقصد الثالث 18
6 المرصد الثاني وفيه مقاصد 19
7 المقصد الأول 19
8 المقصد الثاني 25
9 المقصد الثالث 26
10 المقصد الرابع 27
11 المقصد الخامس 28
12 المقصد السادس 31
13 المرصد الثالث في توحيده تعالي 39
14 المرصد في الرابع في الصفات الوجودية 44
15 المقصد الأولى في اثبات الصفات 44
16 المقصد الثاني في قدرته 49
17 المقصد الثالث 64
18 المقصد الرابع 80
19 المقصد الخامس 81
20 المقصد السادس 87
21 المقصد السابع 91
22 المقصد الثامن 104
23 المرصد الخامس وفيه مقصدان 115
24 المقصد الأول 115
25 المقصد الثاني 143
26 المرصد السادس في أفعاله تعالى 145
27 المقصد الأول 145
28 المقصد الثاني 159
29 المقصد الثالث 168
30 المقصد الرابع 173
31 المقصد الخامس 181
32 المقصد السادس 195
33 المقصد السابع 200
34 المقصد الثامن 202
35 المرصد السابع في أسماء الله تعالي 207
36 المقصد الأول 207
37 المقصد الثاني 209
38 المقصد الثالث 210
39 الموقف السادس في السمعيات 217
40 المرصد الأول في النبوات 217
41 المقصد الأول 217
42 المقصد الثاني 222
43 المقصد الثالث 230
44 المقصد الرابع 243
45 الكلام علي القرآن 243
46 المقصد الخامس 263
47 المقصد السادس 280
48 المقصد السابع 281
49 المقصد الثامن 283
50 المقصد التاسع 288
51 المرصد الثاني في المعاد وفيه مقاصد 289
52 المقصد الأول 289
53 المقصد الثاني في حشر الأجسام 294
54 المقصد الثالث 298
55 المقصد الرابع 301
56 المقصد الخامس 303
57 المقصد السادس 306
58 المقصد السابع 309
59 المقصد الثامن 312
60 المقصد التاسع 312
61 المقصد العاشر 314
62 المقصد الحادي عشر 317
63 المقصد الثاني عشر 320
64 المرصد الثاني في الأسماء وفيه مقاصد 322
65 المقصد الأول 322
66 المقصد الثاني 330
67 المقصد الثالث 331
68 المرصد الرابع في الإمامة 344