____________________
التي هي مناط الاتصاف بالكذب قديم عند جمهور الأشاعرة كما مر وبهذا اندفع منع لزوم قدم الكذب مطلقا بناء على توهم حدوث مبناه أعني التعلق ومنع كون الكذب صفة حقيقية قائمة به تعالى على ذلك التقدير حتى يلزم قيام الحوادث به تعالى فليتدبر (قوله واللازم باطل فإنا نعلم بالضرورة الخ) فإن قلت هذا الدليل غير صحيح بجميع مقدماته إذ لو صح لدل على امتناع الصدق أيضا فإنه تعالى لو اتصف به لكان صدقه قديما فيلزم أن يمتنع عليه الكذب مع إنا نعلم أيضا بالضرورة أن من علم شيئا أمكن له أن يخبر عنه لا على ما هو عليه قلت أجيب عنه بأن قوله من علم شيئا الخ ممنوع ودعوى الضرورة غير مسموعة إذ أوليس الكلام في الصدق والكذب اللفظيين حتى يمكنه ذلك بل في النفسانيين ونحن نعلم بالوجدان إنا متى علمنا شيئا فإنه يتعذر علينا أن نحكم بخلاف ما نعلمه وهذا الجواب بعد ما قيل في بيان مغايرة مدلول الخبر للعلم من أن الرجل قد يخبر عما لا يعلمه بل يعلم خلافه محل بحث ولو تم لدل من أول الأمر على امتناع قيام الكذب به ولا يحتاج إلى التشبث بلزوم امتناع الصدق بناء على أن ما ثبت قدمه امتنع عدمه اللهم إلا أن يحمل الجواب على المنع والسند ويكون المنع بالنظر إلى خصوص الباري سبحانه فتأمل (قوله إنما يدل على كون الكلام النفسي صدقا) دلالته على صدقه باعتبار تعلقاته النوعية القديمة ظاهرة وأما باعتبار تعلقاته الشخصية الحادثة إن أثبتها الأشعري فمحل بحث (قوله مع أن الأهم عندنا هو بيان صدقها) لأنها التي تنتظم بها المصالح الدينية والدنيوية ولا سبيل إلى معرفة الكلام النفسي إلا منها وقد يقال لما دل الدليل على صدق الكلام النفسي ولا شك أن من أثبت المعنى النفسي جعل هذه الألفاظ والعبارات دوال بالنسبة إليه ومن لوازم كونها دوال عليه وأنه لا كذب فيه أن لا يكون فيها أيضا كذب إذ وقوع الكذب فيها دون النفسي يمنع كونها دوال عليه وفيه نظر لأن كون الألفاظ والعبارات دوال بالنسبة إلى الكلام النفسي الثابت صدقه بالدليل المذكور فرع امتناع الكذب في الكلا اللفظي كما لا يخفى فبناء امتناع الكذب فيه على كونه دوال عليه دور والأصحاب إنما قالوا بكون الكلام اللفظي دليلا على المعنى النفسي القائم بذاته تعالى في نفس الأمر بعد