شرح المواقف - القاضى الجرجانى - ج ٨ - الصفحة ١٠٥
لا يستلزم انتفاء لازمه (ومنهم من) زاد على ذلك فاستدل على نفيها بأن (قال نحن مكلفون بكمال المعرفة) وإنما يحصل بمعرفة جميع صفاته (فلو كان له صفة غيرها لعرفناها) لكنا لا نعرفها بل لا طريق لنا إلى معرفة الصفات سوى الاستدلال بالأفعال والتنزيه عن النقائص ولا يدل شئ منهما على صفة زائدة على ما ذكر (والجواب منع التكليف بكمال معرفته إذ هو) أي التكليف (بقدر وسعنا) فنحن مكلفون بأن نعرف من صفاته ما يتوقف تصديق النبي عليه السلام على العلم به لا بمعرفة صفات أخرى (أو بأن نقول سلمنا تكليفنا بكمال معرفته لكن لا يلزم من التكليف به حصوله من جميع المكلفين بل ربما (يعرفه) معرفة كاملة (بعض) منهم كالأنبياء والكاملين من أتباعهم (دون بعض) وهو من عداهم وهؤلاء وإن كانوا هم الأكثرين (و) لكن (لا يمتنع كثرة الهالكين) بسبب
____________________
الدليل على تقدير وجوده يستلزم التصديق بذلك الثبوت ويحتمل أن يبقى على ظاهره لأن الدليل كالعالم قد يستلزم نفس المدلول كوجود الصانع وإن لم يكن محصلا له في الواقع وعلى كل تقدير لا يرد أن انتفاء ملزوم خاص وإن لم يستلزم انتفاء اللازم مطلقا إلا أن انتفاء الملزوم بالكلية يستلزم انتفاء اللازم انتفاء صفة لم يقم عليها دليل أما على التقدير الأول فظاهر وأما على التقدير الثاني فلأنه لا يلزم من نفي الملزوم الذي لا مدخل له في حصول لازمه نفي اللازم كما مر في جواب تاسع شبه السمنية على إفادة النظر العلم (قوله ومنهم من زاد على ذلك) أوليس المراد بالزيادة الزيادة بحسب الكمية بأن يقولوا بما قاله الأولون مع زيادة إذ لا معنى له قطعا بل الزيادة بحسب الكيفية وهي القوة وسيجئ نظيره في بحث أن الإيمان هل يزيد وينقص (قوله بل لا طريق لنا إلى معرفة الصفات الخ) إن أرادوا حصر الطريق العقلي فيما ذكر لم يفد وإن أرادوا حصر الطريق مطلقا فممنوع لأن السمع دليل أيضا وبه أثبت الشيخ تلك الصفات على أن الدليل لو صح لكنا عالمين بحقيقته تعالى إذ المعرفة بالكنه أكمل من المعرفة بالوجه فإن قلت مرادهم إنا مكلفون بكمال معرفة ممكنة وقد لا يسلمون كون معرفته تعالى بالكنه ممكنة قلت لو سلم فلعل له تعالى صفة لا يمكن لنا معرفتها أيضا فلا يتجه لهم بما ذكروه نفي صفة غير السمع بالكلية فتأمل (قوله فنحن مكلفون إلى آخر) هذا مترتب على منه التكليف بكمال المعرفة ثم الترتب باعتبار الإخبار نظيره الفاء في قوله تعالى وما بكم من نعمة فمن الله أي إذا كان التكليف بكمال المعرفة ممنوعا فأخبركم إنا مكلفون بكذا لا بكذا وحينئذ لا يردان مثل السمع والبصر والكلام داخل تحت الوسع فيقتضي قوله إذ هو بقدر وسعنا أن نكون مكلفين بمعرفته أيضا مع أن التفريع يقتضي عدم التكليف بها إذ لا يتوقف تصديق النبي عليه السلام على شئ منها فتدبر (قوله كالأنبياء والكاملين من أتباعهم) فإن قلت قوله عليه السلام ما عرفناك حق معرفتك يدل على أنه لم يقم أحد كمال المعرفة قلت هذا بعد تسليم صدوره عن النبي عليه السلام باعتبار بعض المراتب وأما بعد الفناء في التوحيد فيعرف الحق بعلمه وكفى به حديث كنت سمعه وبصره (قوله ولكن لا يمتنع كثرة الهالكين) لزوم كثرة الهالكين على تقدير كون بيان المعرفة فرض عين بأن يكون التكليف بها النسبة إلى جميع الناس وأما لو كانت فرض كفاية فلا إذ يسقط حينئذ بإقامة البعض ويؤيد كونه فرض
(١٠٥)
مفاتيح البحث: الوقوف (1)، المنع (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الموقف الخامس في الإلهيات 2
2 المرصد الأول في الذات وفيه مقاصد 2
3 المقصد الأول 2
4 المقصد الثاني 14
5 المقصد الثالث 18
6 المرصد الثاني وفيه مقاصد 19
7 المقصد الأول 19
8 المقصد الثاني 25
9 المقصد الثالث 26
10 المقصد الرابع 27
11 المقصد الخامس 28
12 المقصد السادس 31
13 المرصد الثالث في توحيده تعالي 39
14 المرصد في الرابع في الصفات الوجودية 44
15 المقصد الأولى في اثبات الصفات 44
16 المقصد الثاني في قدرته 49
17 المقصد الثالث 64
18 المقصد الرابع 80
19 المقصد الخامس 81
20 المقصد السادس 87
21 المقصد السابع 91
22 المقصد الثامن 104
23 المرصد الخامس وفيه مقصدان 115
24 المقصد الأول 115
25 المقصد الثاني 143
26 المرصد السادس في أفعاله تعالى 145
27 المقصد الأول 145
28 المقصد الثاني 159
29 المقصد الثالث 168
30 المقصد الرابع 173
31 المقصد الخامس 181
32 المقصد السادس 195
33 المقصد السابع 200
34 المقصد الثامن 202
35 المرصد السابع في أسماء الله تعالي 207
36 المقصد الأول 207
37 المقصد الثاني 209
38 المقصد الثالث 210
39 الموقف السادس في السمعيات 217
40 المرصد الأول في النبوات 217
41 المقصد الأول 217
42 المقصد الثاني 222
43 المقصد الثالث 230
44 المقصد الرابع 243
45 الكلام علي القرآن 243
46 المقصد الخامس 263
47 المقصد السادس 280
48 المقصد السابع 281
49 المقصد الثامن 283
50 المقصد التاسع 288
51 المرصد الثاني في المعاد وفيه مقاصد 289
52 المقصد الأول 289
53 المقصد الثاني في حشر الأجسام 294
54 المقصد الثالث 298
55 المقصد الرابع 301
56 المقصد الخامس 303
57 المقصد السادس 306
58 المقصد السابع 309
59 المقصد الثامن 312
60 المقصد التاسع 312
61 المقصد العاشر 314
62 المقصد الحادي عشر 317
63 المقصد الثاني عشر 320
64 المرصد الثاني في الأسماء وفيه مقاصد 322
65 المقصد الأول 322
66 المقصد الثاني 330
67 المقصد الثالث 331
68 المرصد الرابع في الإمامة 344