شرح المواقف - القاضى الجرجانى - ج ٨ - الصفحة ٩٨
الدالة على الترتيب بلا مهالة (وكلاهما يوجب الحدوث) أما التأخر عن الإرادة الحادثة في المستقبل فلأن التأخر عن الشئ يوجب الحدوث خصوصا إذا كان ذلك الشئ حادثا واقعا في الاستقبال وأما التقدم على الكائن الحادث بمدة يسيرة فظاهر أيضا دلالته على الحدوث (الثالث) قوله تعالى (وإذ قال ربك للملائكة وإذ ظرف زمان) ماض فيكون قوله الواقع في هذا الظرف مختصا بزمان معين (ولمختص بزمان معين محدث لرابع كتاب أحكمت آياته ثم فصلت) فإنه يدل على أن القرآن مركب من الآيات التي هي أجزاء متعاقبة فيكون حادثا وكذا قوله تعالى (إنا أنزلناه قرآنا عربيا) يدل على أن كلام الله تعالى قد يكون عربيا تارة وعبريا أخرى فيكون متغيرا وذلك دليل حدوثه (الخامس حتى يسمع كلام الله) فإنه يدل على أن كلامه مسموع فيكون حادثا لأن المسموع لا يكون إلا حرفا وصوتا (السادس إنه) أعني القرآن (معجز) إجماعا (ويجب مقارنته أي مقارنة المعجز (للدعوى) حتى يكون تصديقا للمدعي في دعواه فيكون حادثا مع حدوثها (وإلا أي وإن لم يكن مقارنا لها حادثا معها بل يكون قديما سابقا عليها (فلا اختصاص له به) أي بذلك المدعى وتصديقه (السابع إنه) أعني القرآن موصوف بأنه (منزل وتنزيل) وذلك يوجب حدوثه لاستحالة الانتقال بالإنزال والتنزيل على صفاته القديمة القائمة بذاته تعالى (الثامن) قوله عليه السلام في دعائه (يا رب القرآن العظيم ويا رب طه ويس) فالقرآن مربوب كلا وبعضا والمربوب
____________________
لا يخفى (قوله أما التأخر عن الإرادة الحادثة) إن كان هذا للجبائية القائلين بحدوث الإرادة لا في محل فالأمر ظاهر وإن كان الجمهور المعتزلة فالمراد حدوثها باعتبار تعلقها (قوله فلأن التأخر عن الشئ يوجب الحدوث) لانحصار القديم عندهم في القديم بالذات وعدم تأخره عن شئ لا بالزمان ولا بالذات فليتأمل (قوله والمختص بزمان معين محدث) أما المختص بالحال والاستقبال فظاهر وأما المختص بالماضي فلأن الانتفاء في الحال أو الاستقبال ينافي القدم لأن ما ثبت قدمه امتنع عدمه (قوله الرابع كتاب أحكمت آياته ثم فصلت) قال ابن عباس رضي الله تعالى عنه أحكمت أي لم ينسخ بكتاب كما نسخت الكتب والشرائع به ثم فصلت تثبت بالأحكام والحلال والحرام وفيه أقوال أخر (قوله وعبريا أخرى) دلالة الآية الكريمة على أن كلام الله تعالى قد لا يكون عربيا ظاهر فإن الذوق السليم يفهم ممن التخصيص ذلك وأما دلالته على أنه قد يكون عبريا أخرى فبضم أن التورية أيضا كلامه بالاتفاق على أن المراد قد يكون عبريا مثلا فإن المقصود ههنا مجرد الدلالة على التغير (قوله السادس إنه معجزة الخ) للحنابلة أن يقولوا معنى إعجازه أنه ظهر في يد النبي عليه السلام ولم يظهر في يد غيره فيكفي مقارنة ظهوره فلا يلزم حدوث ذاته (قوله على صفاته القديمة القائمة بذاته تعالى) إذ لا خفاء في امتناع نزول المعنى القديم القائم بذاته تعالى بخلاف اللفظ فإنه وإن كان عرضا لا يزول عن محله لكن قد ينزل الجسم الحامل له فيوصف اللفظ لذلك بالنزول ولو مجازا
(٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الموقف الخامس في الإلهيات 2
2 المرصد الأول في الذات وفيه مقاصد 2
3 المقصد الأول 2
4 المقصد الثاني 14
5 المقصد الثالث 18
6 المرصد الثاني وفيه مقاصد 19
7 المقصد الأول 19
8 المقصد الثاني 25
9 المقصد الثالث 26
10 المقصد الرابع 27
11 المقصد الخامس 28
12 المقصد السادس 31
13 المرصد الثالث في توحيده تعالي 39
14 المرصد في الرابع في الصفات الوجودية 44
15 المقصد الأولى في اثبات الصفات 44
16 المقصد الثاني في قدرته 49
17 المقصد الثالث 64
18 المقصد الرابع 80
19 المقصد الخامس 81
20 المقصد السادس 87
21 المقصد السابع 91
22 المقصد الثامن 104
23 المرصد الخامس وفيه مقصدان 115
24 المقصد الأول 115
25 المقصد الثاني 143
26 المرصد السادس في أفعاله تعالى 145
27 المقصد الأول 145
28 المقصد الثاني 159
29 المقصد الثالث 168
30 المقصد الرابع 173
31 المقصد الخامس 181
32 المقصد السادس 195
33 المقصد السابع 200
34 المقصد الثامن 202
35 المرصد السابع في أسماء الله تعالي 207
36 المقصد الأول 207
37 المقصد الثاني 209
38 المقصد الثالث 210
39 الموقف السادس في السمعيات 217
40 المرصد الأول في النبوات 217
41 المقصد الأول 217
42 المقصد الثاني 222
43 المقصد الثالث 230
44 المقصد الرابع 243
45 الكلام علي القرآن 243
46 المقصد الخامس 263
47 المقصد السادس 280
48 المقصد السابع 281
49 المقصد الثامن 283
50 المقصد التاسع 288
51 المرصد الثاني في المعاد وفيه مقاصد 289
52 المقصد الأول 289
53 المقصد الثاني في حشر الأجسام 294
54 المقصد الثالث 298
55 المقصد الرابع 301
56 المقصد الخامس 303
57 المقصد السادس 306
58 المقصد السابع 309
59 المقصد الثامن 312
60 المقصد التاسع 312
61 المقصد العاشر 314
62 المقصد الحادي عشر 317
63 المقصد الثاني عشر 320
64 المرصد الثاني في الأسماء وفيه مقاصد 322
65 المقصد الأول 322
66 المقصد الثاني 330
67 المقصد الثالث 331
68 المرصد الرابع في الإمامة 344