القائلين بقدم الألفاظ (وأما بالنسبة إلينا فيكون نصبا للدليل في غير محل النزاع وأما ما دل على حدوث لقرآن مطلقا) أي بلا تقييد بالنفسي واللفظي (فحيث يمكن حمله على حدوث الألفاظ لا يكون لهم فيه
حجة علينا ولا يجدي عليهم) أي لا يعطيهم فائدة وجدوى بالقياس إلينا (إلا أن يبرهنوا على عدم المعنى الزائد على العلم والإرادة) حينئذ تنفعهم إذ على هذا التقدير ينحصر
القرآن في هذه الألفاظ والعبارات ولا سبيل لهم إلى هذا البرهان فلا
حجة لهم أيضا في تلك الأدلة المطلقة (لكنا نذكر بعض أدلتهم) التي من هذا القبيل ونجيب عنها (تكميلا للصناعة) الكلامية وتثبيتا لطلاب الحق في مزالق الأقدام (وهو من المعقول والمنقول (أما المعقول فوجهان) الأول الأمر والخبر) في الأزل (ولا مأمور ولا سامع) فيه (سفه) فكيف يتصور ثبوته لله سبحانه وتعالى (الثاني لو كان) كلامه تعالى (قديما لاستوى نسبته إلى) جميع (المتعلقات) لأنه حينئذ يكون (كالعلم) في أن تعلقه بمتعلقاته يكون لذاته فكما أن علمه يتعلق بجميع ما يصح تعلقه به كذلك كلامه يتعلق بكل ما يصح تعلقه به ولما كان
الحسن والقبح بالشرع صح في كل فعل أن يؤمر به وأن ينهي عنه فيلزم تعلق أمره ونهيه بالأفعال كلها فيكون كل فعل مأمورا به ومنهيا عنه معا هذا خلف وقد وقع في بعض النسخ كالعلم والقدرة وهو
سهو من القلم كما صرح به فيما بعد لا يجب تعلقها بكل ما يصح أن يتعلق به بخلاف العلم (والجواب عن الأول أن ذلك) السفه الذي ادعيتموه إنما هو (في اللفظ وأما الكلام النفسي فلا سفه فيه كطلب التعلم من ابن سيولد) ويرد عليه
____________________
تعالى لعل المراد بالعلم العالمية وكذا الكلام في الإرادة والكراهة فتأمل (قوله ولما كان الحسن والقبح بالشرع) هذا الكلام من قبل المعتزلة إلزامي لأن شرعية الحسن والقبح إنما هي عندنا وأما عندهم فهما عقليان (قوله وهو سهو من القلم فإن القدرة الخ) قد سبق أن للقدرة تعلقا معنويا عاما لكل ممكن يترتب عليه تمكن القادر من إيجاد المقدور وتركه ولها تعلق آخر خاص يترتب عليه وجود المقدور فيجوز أن يكون مراد المصنف حيث حكم باستواء نسبة القدرة إلى المتعلقات التعلق الأول وحيث حكم بتعلقها بالبعض دون البعض التعلق الثاني فحينئذ لا سهو أصلا نعم لا يخلو عن نوع تكلف من حيث إن المصنف لم يتعرض؟ القدرة فيما سبق (قوله ويرد عليه أن ما يجده الخ) اعترض عليه بأنه يقتضي أن الرسول عليه السلام لم يأمرنا بشئ ولم ينهنا عنه بل عزم على الأمر والنهي فقط بالنسبة إلينا وفساده واضح إذ لا شك أننا مأمورون ومنهيون ولذا وجب علينا الامتثال وأجيب بأن حقيقة الطلب إنما تعلقت صريحا بالمخاطبين الموجودين في زمان النبي عليه السلام ووجود فرد منهم يكفي في خروج الخطابات عن السفه وأما تعلقها بنا صريحا في ذلك الزمان فممنوع ووجوب الامتثال لا يقتضي ذلك بل يكفي