شرح المواقف - القاضى الجرجانى - ج ٨ - الصفحة ١٠٣
امتنع عليه) تعالى (الكذب) ووجب أن يكون كلامه صدقا فصدق النبي إنما يعرف بصدق الله تعالى (فيلزم الدور) إذا ثبت صدقه تعالى بصدق النبي كما فعلتم (قلنا التصديق بالمعجزة) كما مر فهو تصديق فعلي لا قولي ودلالتها على التصديق دلالة عادية لا يتطرق إليها شبهة كما سنقف عليه واعلم أن للمصنف مقالة مفردة في تحقيق كلام الله تعالى على وفق ما أشار إليه في خطبة الكتاب ومحصولها أن لفظ المعنى يطلق تارة على مدلول اللفظ وأخرى على الأمر القائم بالغير فالشيخ الأشعري لما قال الكلام هو المعنى النفسي فهم الأصحاب منه أن مراده مدلول اللفظ وحده وهو القديم عنده وأما العبارات فإنما تسمى كلاما مجاز لدلالتها على ما هو كلام حقيقي حتى صرحوا بأن الألفاظ حادثة على مذهبه أيضا لكنها ليست كلامه حقيقة وهذا الذي فهموه من كلام الشيخ له لوازم كثيرة فاسدة كعدم إكفار من أنكر كلامية ما بين دفتي المصحف مع أنه علم من الدين ضرورة كونه كلام الله تعالى حقيقة وكعدم المعارضة والتحدي بكلام الله تعالى الحقيقي وكعدم كون المقروء والمحفوظ كلامه حقيقة إلى غير ذلك مما لا يخفى على المتفطن في الأحكام الدينية فوجب حمل كلام الشيخ على أنه أراد به المعنى الثاني فيكون الكلام النفسي عنده أمرا
____________________
ما تقرر عندهم من امتناع الكذب فيه فليتأمل (قوله فهو تصديق فعلى الخ) اعترض عليه بأن التصديق الفعلي إنما ينتهض حجة إذا لم يجوز النقص في فعله تعالى ولا فرق بينه وبين القبح العقلي كما مر آنفا فلا يتم ذلك الاستدلال أيضا إلا مع القول بثبوت القبح العقلي وحينئذ فليتمسك ابتداء بما قال المعتزلة إسقاطا لكثرة المؤنات وأخذ بالأسهل وجوابه أن حجية التصديق الفعلي معلومة بحسب العادة سواء حوز النقص في الفعل أم لا ألا ترى أن قوما إذا اجتمعوا عند ملك عظيم من ملوك الدنيا ثم قام واحد منهم وقال أيها الناس إني رسول هذا الملك إليكم ثم قال أيها الملك إن كنت صادقا فيما قلته فخالف عادتك في القيام والقعود فإذا فعل الملك ذلك اضطر الحاضرون إلى العلم بكونه صادقا ولا يخطر ببالهم عدم جواز النقص في فعله قطعا كيف ولا شك في الجواز في هذه الصورة أصلا (قوله كعدم إكفار من أنكر كلامية ما بين دفتي المصحف) واعلم أن إكفار منكرها إنما هو إذا اعتقد أنه أوليس كلام الله تعالى بمعنى أنه أوليس صفة قائمة به بل هو دال على ما هو صفة حقيقية قائمة به جل وعلا وهو من مبدعات الله تعالى ومخترعاته بأن أوجده في لسان الملك أو لسان النبي عليهما السلام وأوجد نقوشا دالة عليه في اللوح المحفوظ فليس من الكفر في شئ بل هو مذهب أكثر الأشاعرة فلا ينبغي أن يتوهم كونه كفرا (قوله الكلام النفسي عنده أمرا شاملا للفظ والمعنى) اعترض عليه بأن كلام الله تعالى إن كان اسما لذلك الشخص القائم بذاته تعالى يلزم أن لا يكون ما قرأناه كلامه تعالى بل مثله واللازم باطل القطع بأن ما يقرأه كل واحد منا وهو الكلام المنزل على النبي عليه الصلاة والسلام بلسان جبرائيل عليه السلام وإن كان اسما لنوع القائم يلزم أن يكون إطلاقه على ذلك الشخص بخصوصه مجازا فيجوز نفيه عنه حقيقة وإن جعل من قبيل كون الموضوع له خاصا والوضع عاما
(١٠٣)
مفاتيح البحث: الكذب، التكذيب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الموقف الخامس في الإلهيات 2
2 المرصد الأول في الذات وفيه مقاصد 2
3 المقصد الأول 2
4 المقصد الثاني 14
5 المقصد الثالث 18
6 المرصد الثاني وفيه مقاصد 19
7 المقصد الأول 19
8 المقصد الثاني 25
9 المقصد الثالث 26
10 المقصد الرابع 27
11 المقصد الخامس 28
12 المقصد السادس 31
13 المرصد الثالث في توحيده تعالي 39
14 المرصد في الرابع في الصفات الوجودية 44
15 المقصد الأولى في اثبات الصفات 44
16 المقصد الثاني في قدرته 49
17 المقصد الثالث 64
18 المقصد الرابع 80
19 المقصد الخامس 81
20 المقصد السادس 87
21 المقصد السابع 91
22 المقصد الثامن 104
23 المرصد الخامس وفيه مقصدان 115
24 المقصد الأول 115
25 المقصد الثاني 143
26 المرصد السادس في أفعاله تعالى 145
27 المقصد الأول 145
28 المقصد الثاني 159
29 المقصد الثالث 168
30 المقصد الرابع 173
31 المقصد الخامس 181
32 المقصد السادس 195
33 المقصد السابع 200
34 المقصد الثامن 202
35 المرصد السابع في أسماء الله تعالي 207
36 المقصد الأول 207
37 المقصد الثاني 209
38 المقصد الثالث 210
39 الموقف السادس في السمعيات 217
40 المرصد الأول في النبوات 217
41 المقصد الأول 217
42 المقصد الثاني 222
43 المقصد الثالث 230
44 المقصد الرابع 243
45 الكلام علي القرآن 243
46 المقصد الخامس 263
47 المقصد السادس 280
48 المقصد السابع 281
49 المقصد الثامن 283
50 المقصد التاسع 288
51 المرصد الثاني في المعاد وفيه مقاصد 289
52 المقصد الأول 289
53 المقصد الثاني في حشر الأجسام 294
54 المقصد الثالث 298
55 المقصد الرابع 301
56 المقصد الخامس 303
57 المقصد السادس 306
58 المقصد السابع 309
59 المقصد الثامن 312
60 المقصد التاسع 312
61 المقصد العاشر 314
62 المقصد الحادي عشر 317
63 المقصد الثاني عشر 320
64 المرصد الثاني في الأسماء وفيه مقاصد 322
65 المقصد الأول 322
66 المقصد الثاني 330
67 المقصد الثالث 331
68 المرصد الرابع في الإمامة 344