____________________
ما تقرر عندهم من امتناع الكذب فيه فليتأمل (قوله فهو تصديق فعلى الخ) اعترض عليه بأن التصديق الفعلي إنما ينتهض حجة إذا لم يجوز النقص في فعله تعالى ولا فرق بينه وبين القبح العقلي كما مر آنفا فلا يتم ذلك الاستدلال أيضا إلا مع القول بثبوت القبح العقلي وحينئذ فليتمسك ابتداء بما قال المعتزلة إسقاطا لكثرة المؤنات وأخذ بالأسهل وجوابه أن حجية التصديق الفعلي معلومة بحسب العادة سواء حوز النقص في الفعل أم لا ألا ترى أن قوما إذا اجتمعوا عند ملك عظيم من ملوك الدنيا ثم قام واحد منهم وقال أيها الناس إني رسول هذا الملك إليكم ثم قال أيها الملك إن كنت صادقا فيما قلته فخالف عادتك في القيام والقعود فإذا فعل الملك ذلك اضطر الحاضرون إلى العلم بكونه صادقا ولا يخطر ببالهم عدم جواز النقص في فعله قطعا كيف ولا شك في الجواز في هذه الصورة أصلا (قوله كعدم إكفار من أنكر كلامية ما بين دفتي المصحف) واعلم أن إكفار منكرها إنما هو إذا اعتقد أنه أوليس كلام الله تعالى بمعنى أنه أوليس صفة قائمة به بل هو دال على ما هو صفة حقيقية قائمة به جل وعلا وهو من مبدعات الله تعالى ومخترعاته بأن أوجده في لسان الملك أو لسان النبي عليهما السلام وأوجد نقوشا دالة عليه في اللوح المحفوظ فليس من الكفر في شئ بل هو مذهب أكثر الأشاعرة فلا ينبغي أن يتوهم كونه كفرا (قوله الكلام النفسي عنده أمرا شاملا للفظ والمعنى) اعترض عليه بأن كلام الله تعالى إن كان اسما لذلك الشخص القائم بذاته تعالى يلزم أن لا يكون ما قرأناه كلامه تعالى بل مثله واللازم باطل القطع بأن ما يقرأه كل واحد منا وهو الكلام المنزل على النبي عليه الصلاة والسلام بلسان جبرائيل عليه السلام وإن كان اسما لنوع القائم يلزم أن يكون إطلاقه على ذلك الشخص بخصوصه مجازا فيجوز نفيه عنه حقيقة وإن جعل من قبيل كون الموضوع له خاصا والوضع عاما