ترك ما كلفوا به من كمال معرفته (وأثبت بعض) من المتكلمين (صفات أخر) بيانها تلك المسائل الإحدى عشرة (الأولى البقاء) اتفقوا على أنه تعالى باق لكن اختلفوا في كونه صفة ثبوتية زائدة كما أشار إليه بقوله (أثبته الشيخ) أبو الحسن وأتباعه وجمهور
معتزلة بغداد (صفة) وجودية (زائد على الوجود إذ الوجود متحقق دونه) أي دون البقاء (كما في أول الحدوث) بل يتجدد بعده صفة هي البقاء (وأجيب عنه بأنه منقوض بالحدوث فإنه غير الوجود لتحقق الوجود بعد الحدوث) يعني أن البقاء حصل بعد ما لم يكن والحدوث زال بعد إن كان لأنه الخروج من العدم إلى الوجود عند الشيخ لا مسبوقية الوجود به (فلو دل ذلك) الذي ذكرتموه في البقاء (على كونه) وجوديا (زائدا لكان الحدوث) أيضا وجوديا (زائد) لما ذكرناه لأن العدم بعد الحصول كالحصول بعد العدم في الدلالة على الوجود في الجملة إذ حاصلهما الانتقال الواقع بين العدم وما يقابله أعني الوجود (ولزم التسلسل) في الحدوثات الوجودية ضرورة أن الحدوث لا بد أن يكون حادثا مع أن الشيخ معترف بأن الحدوث أوليس أمرا زائدا وحله بعد نقضه إن تجدد الاتصاف بصفة لا تقتضي كونها وجودية كتجدد معية الباري تعالى مع الحادث وكذا زواله أيضا لا يقتضيه وذلك كله لجواز اتصافه بالعدميات وزوال ذلك الاتصاف (ونفاه) أي نفي كون البقاء صفة موجودة زائدة (القاضي أبو بكر والإمامان إمام الحرمين والإمام الرازي) وجمهور
معتزلة البصرة (وقالوا البقاء هو نفس الوجود في الزمان الثاني) لا أمر زائد عليه لوجهين * الأول لو كان) البقاء (زائدا لكان له بقاء) إذ لو لم يكن البقاء باقيا لم يكن الوجود باقيا لأن كونه باقيا إنما هو بواسطة
____________________
كفاية أنه عليه السلام قرر عوام المسلمين على ما فهموه من القرآن (قوله وجمهور معتزلة بغداد) ظاهره يخالف ما ذكره في حواشي التجريد من أن قدماء المعتزلة يثبتون الأحوال ومتأخروهم يوافقون الفلاسفة في القول بأن الصفات عين الذات (قوله صفة وجودية زائدة) فإن قلت القدم يوصف بالبقاء ولا يوصف بالثبوت قلت قول البقاء عليهما بالاشتراك اللفظي (قوله كما في أول الحدوث) هذا إنما ينتهض في المحدثات وقياس الغائب على الشاهد لا يفيد لجواز اختلاف البقاء والوجود شاهدا وغائبا على أنه لا يدل على كون البقاء زائدا على الوجود المخصوص أعني الوجود المستمر (قوله منقوض بالحدوث) قيل النقض به مدفوع لتقدمه على الوجود وكل وصف تقدم على موصوفه يكون اعتباريا ضرورة بخلاف البقاء فإنه مؤخر عن الوجود وأنت خبير بأن النقض للدليل السابق الذي هو تحقق الوجود بدون البقاء وما ذكره من دليل اعتبارية الحدوث يؤيده النقض الذي هو تخلف الحكم عن الدليل (قوله لم يكن الوجود باقيا) أي في الزمان الثالث لا في الزمان الثاني لا يقال لا يلزم من