في البطن، يقال: صفر فهو مصفور.
والصفر: النسيء الذي كانوا يفعلونه في الجاهلية، وهو تأخير هم المحرم إلى صفر في تحريمه، ويجعلون صفرا هو الشهر الحرام، ومنه الحديث " لا عدوى ولا هامة ولا صفر ". قاله أبو عبيد (1).
أو من الأول، لزعمهم أنه يعدي، قال أبو عبيد أيضا، وهو الذي روى هذا الحديث: إن صفر: دواب البطن (2).
وقال أبو عبيدة سمعت يونس سأل رؤبة عن الصفر، فقال: [هو] (3) حيضة تكون في البطن تصيب الماشية والناس، قال: وهي [عندي] (4) أعدى من الجرب عند العرب.
قال أبو عبيد: فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم أنها تعدي، قال: ويقال: إنها تشتد على الإنسان وتؤذيه إذا جاع، قال الأزهري: والوجه فيه هذا التفسير.
وفي كلام المصنف تأمل بوجوه:
الأول: أنه أشار إلى معنى لم يقصدوه، وهو اجتماع الماء الأصفر في البطن الذي عبر عنه بالداء.
والثاني: أنه قدم الوجه الذي صدر بقيل، وأخر ما صوبه الأزهري وغيره من الأئمة.
والثالث: أنه أخر قوله أودود... إلخ، فلو ذكره قبل قوله: " وتأخير المحرم " لأصاب، كما لا يخفى.
ولأئمة الغريب وشراح البخاري في شرح هذا الحديث كلام غير ما ذكره المصنف هنا وكان ينبغي التنبيه عليه، ليكون بحره محيطا للشوارد، بسيطا بيكميل الفوائد.
والصفر: العقل.
والصفر الفقد (5)، وهكذا بالفاء والقاف في النسخ، وفي اللسان بالعين والقاف.
والصفر: الروع ولب القلب ومنه قولهم: لا يلتاط هذا بصفري، أي لا يلزق بي، ولا تقبله نفسي. وقال الزمخشري: تقول ذلك إذا لم تحبه، وهو مجاز.
والصفر: حية في البطن تلزق بالضلوع فتعضها، الواحد والجميع في ذلك سواء، وقيل: واحدته صفرة، وبه فسر بعض الأئمة الحيث المتقدم، كما تقدمت الإشارة إليه.
أو دابة الضلوع والشراسيف قال أعشى باهلة يرثى أخاه:
لا يتأر لما في القدر يرقبه * ولا يعض على شرسوفه الصفر هكذا أنشده الجوهري، وقال الصاغاني: الإنشاد مداخل، والرواية:
لا يتأرى لما في القدر يرقبه * ولا يزال أمام القوم يقتفر لا يغمز الساق من أين ولا نصب * ولا يعض على شرسوفه الصفر أودود يكون في الطن وشراسيف الأضلاع، فيصفر عنه الإنسان جدا، وربما قتله، كالصفار بالضم.
والصفر: الجوع، وبه فسر بعضهم قول أعشى باهلة الآتي (6) ذكره.
وصفر: الشهر الذي بعد المحرم، قال بعضهم: إنما سمي (7)، لأنهم كانوا يمترون الطعام فيه من المواضع، وقيل: لإصفار مكة من أهلها إذا سافروا، وروى عن رؤبة أنه قال: سموا الشهر صفرا، لأنهم كانوا يغزون فيه القبائل، فيتركون من لقوا صفرا من المتاع، وذلك أن رصفرا بعد المحرم، فقالوا: صفر الناس منا صفرا، وقد يمنع.
قال ثعلب: الناس كلهم يصر فون صفرا إلا أبا عبيدة، فإنه قال: لا ينصرف، فقيل له: لم لا تصرفه فإن النوحيين قد أجمعوا على صرفه، وقالوا: لا يمنع الحرف من الصرف إلا علتان، فأخبرنا بالعلتين فيه حتى نتبعك،