قال سيبويه: ولم يكتف فيه بالواو والنون، لأنهم قلما يصفون به المؤنث، فصار كمفعال ومفعيل، ولم يصر كفعال، وأجروه مجرى الصفة، فجمعوه بالواو والنون، كما فعلوا ذلك في حسان وكرام. وقال الجوهري: جمع العوار الجبان العواوير. قال: وإن شئت لم تعوض في الشعر فقلت: العواور. وأنشد للبيد يخاطب عمه ويعاتبه:
وفي كل يوم ذي حفاظ بلوتنى * فقمت مقاما لم تقمه العواور وقال أبو علي النحوي: إنما صحت فيه الواو مع قربها من الطرف لأن الياء المحذوفة للضرورة مرادة، فهي في حكم ما في اللفظ، فلما بعدت في الحكم من الطرف لم تقلب همزة. والذين حاجاتهم في أدبارهم: العواري، هكذا في سائر النسخ. والصواب أن هذه الجملة معطوفة على ما قبلها، والمراد، والعوار أيضا: الذين.. إلى آخره، وهكذا نقله صاحب اللسان عن كراع. وشجرة، هكذا في النسخ، وهو بناء على أنه معطوف على ما قبله. والصواب كما في التكملة واللسان: والعوارى: شجرة يؤخذ هكذا، بالياء التحية والصواب: تؤخذ (1) جراؤها فتشدخ ثم تيبس ثم تذرى ثم تحمل في الأوعية فتباع، وتتخذ منها مخانق بمكة حرسها الله تعالى؛ هكذا فسره ابن الأعرابي. وقال ابن سيده في المحكم والعوار: شجرة تنبت نبتة الشرية، ولا تشب، وهي خضراء، ولا تنبت إلا في أجواف الشجر الكبار. فلينظر هل هي الشجرة المذكورة أو غيرها؟
ومن المجاز قولهم: عجبت ممن يؤثر العوراء على العيناء، أي الكلمة القبيحة على الحسنة (2)؛ كذا في الأساس. أو العوراء: الفعلة القبيحة، وكلاهما من عور العين، لأن الكلمة (3) أو الفعلة كأنها تعور العين فيمنعها ذلك من الطموح وحدة النظر، ثم حولوها إلى الكلمة أو الفعلة، على المثل، وإنما يريدون في الحقيقة صاحبها. قال ابن عنقاء الفزازي يمدح ابن عمه عميلة، وكان عميلة هذا قد جبره من فقر:
إذا قيلت العوراء أغضى كأنه * ذليل بلا ذل ولو شاء لانتصر وقال أبو الهيثم: يقال للكلمة القبيحة: عوراء، وللكلمة الحسناء (4) عيناء. وأنشد قول الشاعر:
وعوراء جاءت من أخ فرددتها * بسالمة العينين طالبة عذرا أي بكلمة حسناء (5) لم تكن عوراء. وقال الليث: العوراء: الكلمة التي تهوى في غير عقل ولا رشد. وقال الجوهري: الكلمة العوراء: القبيحة، وهي السقطة، قال حاتم طيئ:
وأغفر عوراء الكريم ادخاره * وأعرض عن شتم اللئيم تكرما أي لادخاره. وفي حديث عائشة رضي الله عنها: " يتوضأ أحدكم من الطعام (6) الطيب ولا يتوضأ من العوراء يقولها. أي الكلمة القبيحة الزائغة عن الرشد. وعوران الكلام: ما تنفيه الأذن، وهو منه، الواحدة عوراء؛ عن أبي زيد، وأنشد:
وعوراء قد قيلت فلم أستمع لها * وما الكلم العوران لي بقتول وصف الكلم بالعوران لأنه جمع، وأخبر عنه بالقتول - وهو واحد - لأن الكلم يذكر ويؤنث، وكذلك كل جمع لا يفارق واحده إلا بالهاء، ولك فيه كل ذلك؛ كذا في اللسان. قال الأزهري: والعرب تقول للأحول العين: أعور، وللمرأة الحولاء: هي عوراء، ورأيت في البادية امرأة عوراء يقال لها حولاء.
والعوائر من الجراد: الجماعات المتفرقة، منه، وكذا من السهام، كالعيران، بالكسر، وهي أوائلة الذاهبة المتفرقة في قلة.