وعشرهم يعشرهم، مقتضى اصطلاحه أن يكون من حد كتب، كما تقدم آنفا، عشرا، بالفتح (1) على الصواب، ورجح شيخنا الضم، ونقله عن شروح الفصيح، وعشورا، كقعود، وعشرهم تعشيرا: أخذ عشر أموالهم وعشر المال نفسه وعشره، كذلك.
ولا يخفى أن في قوله: عشرهم يعشرهم، إلى آخره، مع ماسبق. وعشر: أخذ واحدا من عشرة، تكرار، فإن أخذ واحد من عشرة هو أخذ العشر بعينه، أشار لذلك البدر القرافي في حاشيته، وتبعه شيخنا. وهو أحد المواضع التي لم يحرر فيها (2) المصنف تحريرا شافيا. والصواب في العبارة هكذا: والعشر: أخذك واحدا من عشرة، وقد عشره. وعشرهم عشرا: أخذ عشر أموالم، وعشرهم يعشرهم: كان عاشرهم أو كملهم عشرة بنفسه. ولا تناقض في عبارة المصنف كما زعموا. وقول البدر في تصويب عبارة المصنف - مع أن الأول لازم، والثاني متعد؛ وكذا قوله: ويقال: العشور: نقصان، والتعشير: زيادة وإتمام - محل نظر، فتأمل.
والعشار قابضه، وكذلك العاشر. ومنه قول عيسى بن عمر لابن هبيرة، وهو يضرب بين يديه بالسياط: " تالله إن كنت (3) إلا أثيابا في أسيفاط قبضها عشاروك ". وفي الحديث: " إن لقيتم عاشرا فاقتلوه "، أي إن وجدتم من يأخذ العشر على ما كان يأخذه أهل الجاهلية مقيما على دينه فاقتلوه، لكفره أو لاستحلاله لذلك (4) إن كان مسلما وأخذه مستحلا وتاركا فرض الله وهو ربع العشر، فأما من يعشرهم على ما فرض الله سبحانه وتعالى فحسن جميل. وقد عشر جماعة من الصحابة للنبي والخلفاء بعده. فيحوز أن يسمى آخذ ذلك عاشرا، لإضافة ما يأخذه إلى العشر، كيف وهو يأخذ العشر جميعه، وهو زكاء ما سقته (5) السماء، وعشر أموال أهل الذمة في التجارات. يقال: عشرت ماله أعشره عشرا، فأنا عاشر، وعشرته، فأنا معشر وعشار: إذا أخذت عشره. وكل ما ورد في الحديث من عقوبة العشار فمحمول على هذا التأويل. وفي الحديث: " النساء لا يحشرن ولا يعشرن " أي لا يؤخذ العشر من حليهن.
والعشر، بالكسر: ورد الإبل اليوم العاشر، وهو الذي أطبقوا عليه، أو العشر في حساب العرب اليوم التاسع كما في شمس العلوم نقلا عن الخليل، قال: وذلك أنهم يحبسونها عن الماء تسع ليال وثمانية أيام، ثم تورد في اليوم التاسع، وهو اليوم العاشر من الورد الأول.
وفي اللسان: العشر: ورد الإبل اليوم العاشر. وفي حسابهم: العشر: التاسع. فإذا جاوزوها بمثلها فظمؤها عشران. والإبل في كل ذلك عواشر، أي ترد الماء عشرا، وكذلك الثوامن والسوابع والخوامس. وقال الأصمعي إذا وردت الإبل في كل يوم قيل: قد وردت رفها، فإذا وردت يوما ويوما لا، قيل: وردت غبا، فإذا ارتفعت عن الغب فالظمء الربع، وليس في الورد ثلث، ثم الخمس إلى العشر، فإذا (6) زادت فليس لها تسمية ورد، ولكن يقال: هي ترد عشرا وغبا، وعشرا وربعا، إلى العشرين، فيقال حينئذ: ظمؤها عشران. فإذا جاوزت العشرين فهي جوازئ.
وفي الصحاح: والعشر: ما بين الوردين، وهي ثمانية أيام، لأنها ترد اليوم العاشر. وكذلك الأظماء كلها بالكسر، وليس لها بعد العشر اسم إلا في العشرين، فإذا وردت يوم العشرين قيل: ظمؤها عشران، وهو ثمانية عشر يوما، فإذا جاوزت العشرين فليس لها تسمية [وإنما] (7)، وهي جوازئ. انتهى. ومثله قال أبو منصور الثعالبي وصرح به غيره، ووجدت في هوامش بعض نسخ القاموس في هذا الموضع مؤاخذات للوزير الفاضل محمد راغب باشا، سامحه الله وعفا عنه، منها: ادعاؤه أن الصواب في العشر هو ورود الإبل اليوم العاشر، لأنه الأنسب بالإشتقاق. والجواب عنه أن الصواب أنه لا منافاة بين القولين، لأن