إن الأصل كما بسط كلب ذراعيه، ثم جئ بالمصدر وأسند للمفعول فرفع، ثم أضيف إليه، ثم جئ بالفاعل تمييزا.
والصواب في الآية أن (كلالة) بتقدير مضاف، أي ذا كلالة، وهو إما حال من ضمير (يورث) فكان ناقصة، ويورث خبر، أو تامة فيورث صفة، وإما خبر فيورث صفة، ومن فسر الكلالة بالميت الذي لم يترك ولدا ولا والدا فهي أيضا حال أو خبر، ولكن لا يحتاج إلى تقدير مضاف، ومن فسرها بالقرابة فهي مفعول لأجله.
أما البيت فتخريجه على القلب، وأصله كما بسط ذراعاه كلبا، ثم جئ بالمصدر وأضيف للفاعل المقلوب عن المفعول، وانتصب كلبا على المفعول المقلوب عن الفاعل.
وها أنا مورد بعون الله أمثلة متى بنى فيها على ظاهر اللفظ ولم ينظر في موجب المعنى حصل الفساد، وبعض هذه الأمثلة وقع للمعربين فيه وهم بهذا السبب، وستري ذلك معينا.
فأحدها: قوله تعالى: (أصلواتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء) فإنه يتبادر إلى الذهن عطف (أن نفعل) على (أن نترك)، وذلك باطل، لأنه لم يأمرهم أن يفعلوا في أموالهم ما يشاؤن، وإنما هو عطف على ما، فهو معمول للترك، والمعنى أن نترك أن نفعل، نعم من قرأ تفعل وتشاء - بالتاء لا بالنون - فالعطف على (أن نترك)، وموجب الوهم المذكور أن المعرب يرى أن والفعل مرتين، وبينهما حرف العطف.
ونظير هذا سواء أن يتوهم في قوله:
لن ما رأيت (1) أبا يزيد مقاتلا * أدع القتال وأشهد الهيجاء [461]