الباب الرابع من الكتاب في ذكر أحكام يكثر دورها، ويقبح بالمعرب جهلها، وعدم معرفتها على وجهها.
فمن ذلك ما يعرف به المبتدأ من الخبر.
يجب الحكم بابتدائية المقدم من الاسمين في ثلاث مسائل:
إحداها: أن يكونا معرفتين، تساوت رتبتهما نحو " الله ربنا " أو اختلفت نحو " زيد الفاضل، والفاضل زيد " هذا هو المشهور، وقيل: يجوز تقدير كل منهما مبتدأ وخبرا مطلقا، وقيل: المشتق خبر وإن تقدم نحو " القائم زيد ".
والتحقيق أن المبتدأ ما كان أعرف كزيد في المثال، أو كان هو المعلوم عند المخاطب كأن يقول: من القائم؟ فتقول " زيد القائم " فإن علمهما وجهل النسبة فالمقدم المبتدأ.
الثانية: أن يكونا نكرتين صالحتين للابتداء بهما نحو " أفضل منك أفضل منى ".
الثالثة: أن يكونا مختلفين تعريفا وتنكيرا ولأول هو المعرفة " كزيد قائم " وأما إن كان هو النكرة فإن لم يكن له ما يسوغ الابتداء به فهو خبر اتفاقا نحو " خز ثوبك " و " ذهب خاتمك " وإن كان له مسوغ فكذلك عند الجمهور، وأما سيبويه فيجعله المبتدأ نحو " كم مالك " و " خير منك زيد " و " حسبنا الله " ووجهه أن الأصل عدم التقديم والتأخير، وأنهما شبيهان بمعرفتين تأخر الأخص منهما نحو " الفاضل أنت " ويتجه عندي جواز الوجهين إعمالا للدليلين، ويشهد لابتدائية النكرة قوله تعالى: (فإن حسبك الله) (إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة) وقولهم " إن قريبا منك زيد "