لكن ليس معطوفا بها لدخول الواو عليها، ولا بالواو لأنه مثبت وما قبلها منفى، ولا يعطف بالواو مفرد على مفرد إلا وهو شريكه في النفي والاثبات، فإذا قدر ما بعد الواو جملة صح تخالفهما كما تقول " ما قام زيد وقام عمرو " وزعم سيبويه في قوله:
841 - ولست بحلال التلاع مخافة * ولكن متى يسترفد القوم أرفد (1) أن التقدير: ولكن أنا، ووجهوه بأن لكن تشبه الفعل فلا تدخل عليه وبيان كونها داخلة عليه أن " متى " منصوبة بفعل الشرط، فالفعل مقدم في الرتبة عليه. ورده الفارسي بأن المشبه بالفعل هو لكن المشددة لا المخففة، ولهذا لم تعمل المخففة لعدم اختصاصها بالأسماء، وقيل: إنما يحتاج إلى التقدير إذا دخلت عليها الواو، لأنها حينئذ تخلص لمعناها، وتخرج عن العطف.
التنبيه الثاني - شرط الدليل اللفظي أن يكون طبق المحذوف، فلا يجوز " زيد ضارب وعمرو " أي ضارب، وتريد بضارب المحذوف معنى يخالف المذكور: بأن يقدر أحدهما بمعنى السفر من قوله تعالى (وإذا ضربتم في الأرض) والآخر بمعنى الايلام المعروف، ومن ثم أجمعوا على جواز " زيد قائم وعمرو، وإن زيدا قائم وعمرو " وعلى منع " ليت زيدا قائم وعمرو " وكذا في لعل وكأن، لان الخبر المذكور متمنى أو مترجى أو مشبه به، والخبر المحذوف ليس كذلك، لأنه خبر المبتدأ.
فإن قلت: فكيف تصنع بقوله تعالى (إن الله وملائكته يصلون على النبي) في قراءة من رفع. وذلك محمول عند البصريين على الحذف من الأول لدلالة الثاني، أي إن الله يصلى وملائكته يصلون. وليس عطفا على الموضع ويصلون خبرا عنهما،