الثالث: قد يقع بعد القول جملة محكية ولا عمل للقول فيها، وذلك نحو " أول قولي إني أحمد الله " إذا كسرت إن، لان المعنى أول قولي هذا اللفظ، فالجملة خبر لا مفعول، خلافا لأبي على، زعم أنها في موضع نصب بالقول، فبقى المبتدأ بلا خبر فقدر موجود أو ثابت، وهذا المقدر يستغنى عنه، بل هو مفسد للمعنى، لان " أول قولي إني أحمد الله " باعتبار الكلمات إن وباعتبار الحروف الهمزة، فيفيد الكلام على تقديره الاخبار بأن ذلك الأول ثابت، ويقتضي بمفهومه أن بقية الكلام غير ثابت، اللهم إلا أن يقدر أول زائدا، والبصريون لا يجيزونه، وتبع الزمخشري أبا على في التقدير المذكور، والصواب خلاف قولهما، فإن فتحت فالمعنى حمد الله، يعنى بأي عبارة كانت.
الرابع: قد تقع الجملة بعد القول غير محكية به، وهي نوعان:
محكية بقول آخر محذوف كقوله تعالى (فماذا تأمرون) بعد (قال الملا من قوم فرعون إن هذا لساحر عليم) لان قولهم تم عند قوله (من أرضكم) ثم التقدير: فقال فرعون، بدليل (قالوا أرجه وأخاه) وقول الشاعر:
655 - قالت له وهو بعيش ضنك * لا تكثري لومي وخلى عنك التقدير قالت له: أتذكر قولك لي إذ ألومك في الاسراف في الانفاق، لا تكثري لومي، فحذف المحكية بالمذكور، وأثبت المحكية بالمحذوف.
وغير محكية، وهي نوعان: دالة على المحكية، كقولك " قال زيد لعمرو في حاتم أتظن حاتما بخيلا " فحذف المقول، وهو " حاتم بخيل " مدلولا عليه بجملة الانكار التي هي من كلامك دونه، وليس من ذلك قوله تعالى: (قال موسى أتقولون للحق لما جاءكم أسحر هذا) وإن كان الأصل والله أعلم