هنا جملتان معترضتان كقوله تعالى (وإنه لقسم لو تعلمون عظيم) انتهى، وفى التنظير نظر، لان الذي في الآية الثانية اعتراضان كل منهما بجملة، لا اعتراض واحد بجملتين.
وقد يعترض بأكثر من جملتين كقوله تعالى (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يشترون الضلالة ويريدون أن تضلوا السبيل والله أعلم بأعدائكم وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا من الذين هادوا يحرفون الكلم) إن قدر (من الذين هادوا) بيانا للذين أوتوا وتخصيصا لهم إذا كان اللفظ عاما في اليهود والنصارى والمراد اليهود، أو بيانا لأعدائكم، والمعترض به على هذا التقدير جملتان، وعلى التقدير الأول ثلاث جمل، وهي والله أعلم وكفى بالله مرتين، وأما يشترون ويريدون فجملتا تفسير لمقدر، إذ المعنى ألم تر إلى قصة الذي أوتوا، وإن علقت من بنصيرا مثل (ونصرناه من القوم) أو بخبر محذوف على أن (يحرفون) صفة لمبتدأ محذوف، أي قوم يحرفون كقولهم " منا ظعن ومنا أقام " أي منا فريق فلا اعتراض البتة، وقد مر أن الزمخشري أجاز في سورة الأعراف الاعتراض بسبع جمل على ما ذكر ابن مالك.
وزعم أبو على أنه لا يعترض بأكثر من جملة، وذلك لأنه قال في قول الشاعر:
635 - أراني ولا كفران لله أية * لنفسي قد طالبت غير منيل إن أية وهي مصدر " أويت له " إذا رحمته ورفقت به لا ينتصب بأويت محذوفة، لئلا يلزم الاعتراض بجملتين، قال: وإنما انتصابه باسم " لا " أي ولا أكفر الله رحمة منى لنفسي، ولزمه من هذا ترك تنوين الاسم المطول، وهو قول البغداديين أجازوا " لا طالع جبلا " أجروه في ذلك مجرى المضاف كما أجرى مجراه في الاعراب، وعلى قولهم يتخرج الحديث " لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما