أحدهما: ما إذا حمل على الاستئناف احتيج إلى تقدير جزء يكون معه كلاما نحو " زيد " من قولك " نعم الرجل زيد ".
والثاني: ما لا يحتاج فيه إلى ذلك، لكونه جملة تامة، وذلك كثير جدا نحو الجملة المنفية وما بعدها في قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا، ودوا ما عنتم، قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفى صدورهم أكبر) قال الزمخشري: الأحسن والأبلغ أن تكون مستأنفات على وجه التعليل للنهي عن اتخاذهم بطانة من دون المسلمين، ويجوز أن يكون لا يألونكم وقد بدت صفتين، أي بطانة غير ما نعتكم فسادا بادية بغضاؤهم.
ومنع الواحدي هذا الوجه، لعدم حرف العطف بين الجملتين، وزعم أنه لا يقال " لا تتخذ صاحبا يؤذيك أحب مفارقتك " والذي يظهر أن الصفة تتعدد بغير عاطف وإن كانت جملة كما في الخبر نحو (الرحمن علم القرآن خلق الانسان علمه البيان) وحصل للامام فخر الدين في تفسير هذه الآية سهو، فإنه سأل ما الحكمة في تقديم " من دونكم " على " بطانة " وأجاب بأن محط النهى هو " من دونكم " لا بطانة، فلذلك قدم الأهم، وليست التلاوة كما ذكر، ونظير هذا أن أبا حيان فسر في سورة الأنبياء كلمة (زبرا) بعد قوله تعالى (وتقطعوا أمرهم بينهم زبرا) وإنما هي في سورة المؤمنين، وترك تفسيرها هناك، وتبعه على هذا السهو رجلان لخصا من تفسيره إعرابا.
التنبيه الثالث: من الجمل ما جرى فيه خلاف، هل هو مستأنف أم لا؟ وله أمثلة أحدها: " أقوم " من نحو قولك " إن قام زيد أقوم " وذلك لان المبرد يرى أنه على إضمار الفاء، وسيبويه يرى أنه مؤخر من تقديم، وأن الأصل أقوم إن قام زيد، وأن جواب الشرط محذوف، ويؤيده التزامهم في مثل ذلك كون الشرط ماضيا.