والثالث: أن تكون بمعنى لام التعليل، قاله الخارزنجي، وحمل عليه الواوات الداخلة على الافعال المنصوبة في قوله تعالى (أو يوبقهن بما كسبوا ويعف عن كثير ويعلم الذين) (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين) (يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون) والصواب أن الواو فيهن للمعية كما سيأتي.
والثاني والثالث من أقسام الواو: واوان يرتفع ما بعدهما.
إحداهما: واو الاستئناف نحو (لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء) ونحو " لا تأكل السمك وتشرب اللبن " فيمن رفع، ونحو (من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم) فيمن رفع أيضا، ونحو (واتقوا الله ويعلمكم الله) إذ لو كانت واو العطف لانتصب (نقر) ولانتصب أو انجزم " تشرب " ولجزم (يذر) كما قرأ الآخرون، وللزم عطف الخبر على الامر، وقال الشاعر:
581 - على الحكم المأتي يوما إذا قضى * قضيته أن لا يجور ويقصد وهذا متعين للاستئناف، لان العطف يجعله شريكا في النفي، فيلزم التناقض وكذلك قولهم " دعني ولا أعود " لأنه لو نصب كان المعنى ليجتمع تركك لعقوبتي وتركي لما تنهاني عنه، وهذا باطل (1)، لان طلبه لترك العقوبة إنما هو في الحال، فإذا تقيد ترك المنهي عنه بالحال لم يحصل غرض المؤدب، ولو جزم فإما بالعطف ولم يتقدم جازم، أو بلا على أن تقدر ناهية، ويرده أن المقتضى لترك التأديب إنما هو الخبر عن نفى العود، لا نهيه نفسه عن العود، إذ لا تناقض بين النهى عن العود وبين العود بخلاف العود والاخبار بعدمه، ويوضحه أنك تقول " أنا أنهاه وهو يفعل " ولا تقول " أنا لا أفعل وأنا أفعل معا ".
والثانية: واو الحال الداخلة على الجملة الاسمية، نحو " جاء زيد والشمس طالعة " وتسمى واو الابتداء، ويقدرها سيبويه والأقدمون بإذ، ولا يريدون أنها بمعناها،