رعيا لمعناه، ألا ترى أنه لا يجوز بعده دخول أحد، ولا الاستثناء المفرغ، لا يقال: أليس أحد في الدار، ولا أليس في الدار إلا زيد، وعلى ذلك قول الأنصار رضى الله تعالى عنهم للنبي صلى الله عليه وسلم - وقد قال لهم: ألستم ترون لهم ذلك - نعم، وقول جحدر:
565 - أليس الليل يجمع أم عمرو * وإيانا، فذاك بنا تدانى نعم، وأرى الهلال كما تراه * ويعلوها النهار كما علاني وعلى ذلك جرى كلام سيبويه، والمخطئ مخطئ.
وقال ابن عصفور: أجرت العرب التقرير في الجواب مجرى النفي المحض وإن كان إيجابا في المعنى، فإذا قيل " ألم أعطك درهما " قيل في تصديقه: نعم، وفى تكذيبه: بلى، وذلك لان المقرر قد يوافقك فيما تدعيه وقد يخالفك، فإذا قال نعم لم يعلم هل أراد نعم لم تعطني على اللفظ أو نعم أعطيتني على المعنى، فلذلك أجابوه على اللفظ، ولم يلتفتوا إلى المعنى، وأما نعم في بيت جحدر فجواب لغير مذكور، وهو ما قدره في اعتقاده من أن الليل يجمعه وأم عمرو، وجاز ذلك لأمن اللبس، لعلمه أن كل أحد يعلم أن الليل يجمعه وأم عمرو، أو هو جواب لقوله " وأرى الهلال - البيت " وقدمه عليه. قلت: أو لقوله: " فذاك بنا تدانى " وهو أحسن. وأما قول الأنصار فجاز لزوال اللبس، لأنه قد علم أنهم يريدون نعم نعرف لهم ذلك، وعلى هذا يحمل استعمال سيبويه لها بعد التقرير، اه.
ويتحرر على هذا أنه لو أجيب (ألست بربكم) بنعم لم يكف في الاقرار، لان الله سبحانه وتعالى أوجب في الاقرار بما يتعلق بالربوبية العبارة التي لا تحتمل غير المعنى المراد من المقر، ولهذا لا يدخل في الاسلام بقوله " لا إله إلا الله " برفع إله:
لاحتماله لنفى الوحدة فقط، ولعل ابن عباس رضي الله عنهما إنما قال إنهم لو قالوا نعم