والذي أجزم به أن قراءة الأكثرين لا تكون مرجوحة، وأن الاستثناء في الآية من جملة الامر على القراءتين، بدليل سقوط (ولا يلتفت منكم أحد) في قراءة ابن مسعود، وأن الاستثناء منقطع بدليل سقوطه في آية الحجر، ولان المراد بالأهل المؤمنون وإن لم يكونوا من أهل بيته، لا أهل بيته وإن لم يكونوا مؤمنين، ويؤيده ما جاء في ابن نوح عليه السلام (يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح) ووجه الرفع أنه على الابتداء، وما بعده الخبر، والمستثنى الجملة ونظيره (لست عليهم بمسيطر، إلا من تولى وكفر، فيعذبه الله) واختار أبو شامة ما اخترته من أن الاستثناء منقطع، ولكنه قال: وجاء النصب على اللغة الحجازية والرفع على التميمية، وهذا يدل على أنه جعل الاستثناء من جملة النهى وما قدمته أولى، لضعف اللغة التميمية، ولما قدمت من سقوط جملة النهى في قراءة ابن مسعود حكاها أبو عبيدة وغيره.
الجهة التاسعة: أن لا يتأمل عند وجود المشتبهات، ولذلك أمثلة:
أحدها: نحو " زيد أحصى ذهنا، وعمرو أحصى مالا " فإن الأول على أن أحصى اسم تفضيل، والمنصوب تمييز مثل " أحسن وجها " والثاني على أن أحصى فعل ماض، والمنصوب مفعول مثل (أحصى كل شئ عددا).
ومن الوهم قول بعضهم في (أحصى لما لبثوا أمدا): إنه من الأول، فإن الأمد ليس محصيا بل محصى، وشرط التمييز المنصوب بعد أفعل كونه فاعلا في المعنى ك " زيد أكثر مالا " بخلاف " مال زيد أكثر مال ".
الثاني: نحو " زيد كاتب شاعر " فإن الثاني خبر أو صفة للخبر، ونحو " زيد رجل صالح " فإن الثاني صفة لا غير، لان الأول لا يكون خبرا على انفراده لعدم الفائدة ومثلهما " زيد عالم يفعل الخير وزيد رجل يفعل الخير " وزعم الفارسي أن الخبر