كيفية تقديره باعتبار المعنى أما في القسم فتقديره أقسم، وأما في الاشتغال فتقديره كالمنطوق به نحو " يوم الجمعة صمت فيه ".
وأعلم أنهم ذكروا في باب الاشتغال أنه يجب أن لا يقدر مثل المذكور إذا حصل مانع صناعي كما في " زيدا مررت به " أو معنوي كما في " زيدا ضربت أخاه " إذ تقدير المذكور يقتضى في الأول تعدى القاصر بنفسه، وفى الثاني خلاف الواقع، إذ الضرب لم يقع بزيد، فوجب أن يقدر جاوزت في الأول، وأهنت في الثاني، وليس المانعان مع كل متعد بالحرف، ولا مع كل سببي، ألا ترى أنه لا مانع في نحو " زيدا شكرت له " لان شكر يتعدى بالجار وبنفسه، وكذلك الظرف نحو " يوم الجمعة صمت فيه " لان العامل لا يتعدى إلى ضمير الظرف بنفسه، مع أنه يتعدى إلى ظاهره بنفسه، وكذلك لا مانع في نحو " زيدا أهنت أخاه " لان إهانة أخيه إهانة له، بخلاف الضرب.
وأما في المثل فيقدر بحسب (1) المعنى، وأما في البواقي نحو " زيد في الدار " فيقدر كونا مطلقا وهو كائن أو مستقر أو مضارعهما إن أريد الحال أو الاستقبال نحو " الصوم اليوم " أو " في اليوم " و " الجزلة غدا " أو " في الغد " ويقدر كان أو استقر أو وصفهما إن أريد المضي، هذا هو الصواب، وقد أغفلوه مع قولهم في نحو " ضربي زيدا قائما ": إن التقدير إذ كان إن أريد المضي أو إذا كان إن أريد المستقبل، ولا فرق، وإذا جهلت المعنى فقدر الوصف فإنه صالح في الأزمنة كلها، وإن كانت حقيقته الحال، وقال الزمخشري في قوله تعالى (أفأنت تنقذ من في النار) إنهم جعلوا في النار الآن لتحقق الموعود به، ولا يلزم ما ذكره، لأنه لا يمتنع تقدير المستقبل، ولكن ما ذكره أبلغ وأحسن.
ولا يجوز تقدير الكون الخاص كقائم وجالس إلا لدليل، ويكون الحذف حينئذ جائزا لا واجبا، ولا ينتقل ضمير من المحذوف إلى الظرف والمجرور، وتوهم