الجملة الثالثة: الواقعة مفعولا، ومحلها النصب إن لم تنب عن فاعل، وهذه النيابة مختصة بباب القول نحو (ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون) لما قدمناه من أن الجملة التي يراد بها لفظها تنزل منزلة الأسماء المفردة.
قيل: وتقع أيضا في الجملة المقرونة بمعلق، نحو " علم أقام زيد " وأجاز هؤلاء وقوع هذه فاعلا، وحملوا عليه (وتبين لكم كيف فعلنا بهم) (أولم يهد لهم كم أهلكنا) (ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه) والصواب خلاف ذلك، وعلى قول هؤلاء فيزاد في الجمل التي لها محل الجملة الواقعة فاعلا.
فإن قلت: وينبغي زيادتها على ما قدمت اختياره من جواز ذلك مع الفعل القلبي المعلق بالاستفهام فقط نحو " ظهر لي أقام زيد ".
قلت: إنما أجزت ذلك على أن المسند إليه مضاف محذوف، لا الجملة.
وتقع الجملة مفعولا في ثلاثة أبواب.
أحدها: باب الحكاية بالقول أو مرادفه، فالأول نحو (قال إني عبد الله) وهل هي مفعول به أو مفعول مطلق نوعي كالقرفصاء في " قعد القرفصاء " إذ هي دالة على نوع خاص من القول؟ فيه مذهبان، ثانيهما اختيار ابن الحاجب، قال:
والذي غر الأكثرين أنهم ظنوا أن تعلق الجملة بالقول كتعلقها بعلم في " علمت لزيد منطلق " وليس كذلك، لان الجملة نفس القول والعلم غير المعلوم فافترقا، اه. والصواب قول الجمهور: إذ يصح أن يخبر عن الجملة بأنها مقولة كما يخبر عن زيد من " ضربت زيدا " بأنه مضروب، بخلاف القرفصاء في المثال فلا يصح أن يخبر عنها بأنها مقعودة، لأنها نفس القعود، وأما تسمية النحويين الكلام قولا فكتسمينهم إياه لفظا، وإنما الحقيقة أنه مقول وملفوظ.