والصواب فيه نصب " أي " الأولى على حد انتصابها في (أي منقلب) إلا أنها مفعول به، لا مفعول مطلق، ورفع " أي " الثانية مبتدأ، وما بعدها الخبر، والعلم معلق عن الجملتين المتعاطفتين الفعلية والاسمية.
واختلف في نحو " عرفت زيدا من هو " فقيل: جملة الاستفهام حال، ورد بأن الجمل الانشائية لا تكون حالا، وقيل: مفعول ثان على تضمين عرف معنى علم، ورد بأن التضمين لا ينقاس، وهذا التركيب مقيس، وقيل: بدل من المنصوب، ثم اختلف، فقيل: بدل اشتمال، وقيل: بدل كل، والأصل عرفت شأن زيد، وعلى القول بأن عرف بمعنى علم فهل يقال: إن الفعل معلق أم لا؟ قال جماعة من المغاربة:
إذا قلت " علمت زيدا لأبوه قائم " أو " ما أبوه قائم " فالعامل معلق عن الجملة، وهو عامل في محلها النصب على أنها مفعول ثان، وخالف في ذلك بعضهم، لان الجملة حكمها في مثل هذا أن تكون في موضع نصب، وأن لا يؤثر العامل في لفظها وإن لم يوجد معلق، وذلك نحو " علمت زيدا أبوه قائم " واضطرب في ذلك كلام الزمخشري فقال في قوله تعالى (ليبلوكم أيكم أحسن عملا) في سورة هود: إنما جاز تعليق فعل البلوى لما في الاختبار من معنى العلم، لأنه طريق إليه، فهو ملابس له، كما تقول " أنظر أيهم أحسن وجها، واستمع أيهم أحسن صوتا " لان النظر والاستماع من طرق العلم، اه. ولم أقف على تعليق النظر البصري والاستماع إلا من جهته، وقال في تفسير الآية في سورة الملك: ولا يسمى هذا تعليقا، وإنما التعليق أن يوقع بعد العامل ما يسد مسد منصوبيه جميعا ك " - علمت أيهما عمرو " ألا ترى أنه لا يفترق الحال - بعد تقدم أحد المنصوبين - بين مجئ ماله الصدر وغيره؟ ولو كان تعليقا لافترقا كما افترقا في " علمت زيدا منطلقا، وعلمت أزيد منطلق ".
تنبيه - فائدة الحكم على محل الجملة في التعليق بالنصب ظهور ذلك في التابع، فتقول " عرفت من زيد وغير ذلك من أموره " واستدل به ابن عصفور بقول كثير: