وأما ما نقله أبو حيان عن سيبويه فغلط عليه، وإنما قال: وأعلم أنه لا يجوز " من عبد الله وهذا زيد الرجلين الصالحين " رفعت أو نصبت، لأنك لا تثنى إلا على من أثبته وعلمته، ولا يجوز أن تخلط من تعلم ومن لا تعلم فتجعلهما بمنزلة واحدة، وقال الصفار: لما منعها سيبويه من جهة النعت علم أن زوال النعت يصححها، فتصرف أبو حيان في كلام الصفار فوهم فيه، ولا حجة فيما ذكر الصفار، إذ قد يكون للشئ مانعان ويقتصر على ذكر أحدهما، لأنه الذي اقتضاه المقام. والله أعلم.
عطف الاسمية على الفعلية، وبالعكس فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: الجواز مطلقا، وهو المفهوم من قول النحويين في باب الاشتغال في مثل " قام زيد وعمرا أكرمته " إن نصب عمرا أرجح، لان تناسب الجملتين المتعاطفتين أولى من تخالفهما.
والثاني: المنع مطلقا، حكى عن ابن جنى أنه قال في قوله:
734 - عاضها الله غلاما بعد ما * شابت الأصداغ والضرس نقد إن الضرس فاعل بمحذوف يفسره المذكور، وليس بمبتدأ، ويلزمه إيجاب النصب في مسألة الاشتغال السابقة، إلا إن قال: أقدر الواو للاستئناف.
والثالث: لأبي على، أنه يجوز في الواو فقط، نقله عنه أبو الفتح في سر الصناعة، وبنى عليه منع كون الفاء في " خرجت فإذا الأسد حاضر " عاطفة.
وأضعف الثلاثة القول الثاني، وقد لهج به الرازي في تفسيره، وذكر في كتابه في مناقب الشافعي رضي الله عنه أن مجلسا جمعه وجماعة من الحنفية.