ويمكن أن يقرر الدليل بنحو أسد من ذلك بما يرجع إلى دليل الانسداد وتقريره: هو انسداد باب العلم وما بحكمه في المقام لتطاول الزمان وخراب العمران وعدم إمكان الرجوع إلى الأصل، للزوم المخالفة القطعية - كثيرا - وعدم امكان تعطيل حكم تلك الأراضي، والعمل بالاحتياط متعذر أو متعسر، فلا مناص عن العمل بالظن الحاصل من القرائن والآثار القديمة وكلام السير والتواريخ المعتبرة والتدرج في العمل بالظن إلى الأقوى فالأقوى كما هو جار في كثير من الموضوعات العامة البلوى التي انسد فيها باب العلم وما بحكمه من البينة كموضوع النسب ونحوه.
والظاهر: عدم التعويل على ضرب الخراج، وإن عول عليه غير واحد من الفقهاء لأن اعتباره إن كان من جهة حمل فعل المسلمين على الصحة، ففيه: إنها منتفية بفساد أساسه - كما تقدم - فلا صحة حتى يحمل عليها ودعوى وجوب الحمل على ما يوجب أخفية الفساد عن الدوران بينه وبين الأشد والأفسد، لا دليل عليه.
وإن كان من جهة إفادته الظن، فالصغرى ممنوعة - بعد أن كان الخراج مضروبا على الأراضي الخراجية وغيرها من الأنفال والتي صولحوا عليها، على أن الأرض لهم والجزية في أعناقهم. ومنه يعلم أن المشكوكة منها المحياة - فعلا - المردد حالها بين كونها خراجية أو مجهولة المالك أو هي للإمام عليه السلام من تركة من لا وارث له، لدورانها في نفس الأمر بين كونها من عامرة (المفتوحة عنوة) أو من غيرها، فملكها المحيي لها، غير أنه مجهول المالك، إن كان هو أو وارثه موجود ألا نعلمه، وإلا فهو ميراث الإمام لأنه وراث من لا وارث له، وإن دخل في أطراف الشك كونها مما انجلى عنها أهلها، احتمل كونها للإمام من هذه الجهة - أيضا - يرجع في أمرها إلى الحاكم، وإن كان عليها يد الجائر أو يد