واحد منهم كل من يجده في عمله ممن له مذهب، فكان يرد علي في اليوم الواحد والاثنان والجماعة منهم فأسمع منهم وأعامل كل واحد بما يستحقه.
فأنا ذات يوم جالس إذ ورد كتاب عامل بكفر توثى (1)، يذكر أنه توجه إلي برجل يقال له إدريس بن زياد، فدعوت به فرأيته وسيما قسيما قبلته نفسي، ثم ناجيته فرأيته ممطورا (2)، ورأيته من المعرفة بالفقه والأحاديث على ما أعجبني، فدعوته إلى القول بإمامة الاثني عشر، فأبى وأنكر علي ذلك وخاصمني فيه، وسألته بعد مقامه عندي أياما أن يهب لي زورة إلى سر من رأى، لينظر إلى أبي الحسن (عليه السلام) وينصرف.
فقال لي: أنا أقضي حقك بذلك، وشخص بعد أن حمله، فأبطأ عني وتأخر كتابه، ثم إنه قدم ودخل إلي، فأول ما رآني أسبل عينيه بالبكاء، فلما رأيته باكيا لم أتمالك حتى بكيت، فدنا مني وقبل يدي ورجلي، ثم قال: يا أعظم الناس منة، نجيتني من النار وأدخلتني الجنة.
وحدثني فقال لي: خرجت من عندك وعزمي إذا لقيت سيدي أبا الحسن أن أسأله عن مسائل، وكان فيما أعددته أن أسأله عن عرق الجنب، هل يجوز الصلاة في القميص الذي أعرق فيه وأنا جنب، أم لا؟ فصرت إلى سر من رأى، فلم أصل إليه، وأبطأ من الركوب لعلة كانت به، ثم سمعت الناس يتحدثون بأنه يركب، فبادرت ففاتني، ودخل دار السلطان.
فجلست في الشارع، وعزمت أن لا أبرح أو ينصرف، واشتد الحر علي،