فعظم في عيني، وتوليت خدمته بنفسي، وأحسنت عشرته.
فلما قدمت به بغداد، بدأت بإسحاق بن إبراهيم الطاهري، وكان واليا على بغداد، فقال لي: يا يحيى، إن هذا الرجل قد ولده رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والمتوكل من تعلم، فإن حرضته عليه قتله، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) خصمك يوم القيامة. فقلت له:
والله ما وقعت منه إلا على كل أمر جميل.
ثم صرت به إلى سر من رأى، فبدأت بوصيف التركي، فأخبرته بوصوله، فقال: والله لئن سقط منه شعرة لا يطالب بها سواك. قال: فعجبت كيف وافق قوله قول إسحاق، فلما دخلت على المتوكل سألني عنه، فأخبرته بحسن سيرته وسلامة طريقه وورعه وزهادته، وأني فتشت داره فلم أجد فيها غير المصاحف وكتب العلم، وأن أهل المدينة خافوا عليه، فأكرمه المتوكل وأحسن جائزته، وأجزل بره، وأنزله معه سر من رأى (1).
رواية اليعقوبي:
قال اليعقوبي: لما كان بموضع يقال له الياسرية نزل هناك، وركب إسحاق ابن إبراهيم لتلقيه، فرأى تشوق الناس إليه، واجتماعهم لرؤيته، فأقام إلى الليل، ودخل به في الليل، فأقام ببغداد بعض تلك الليلة، ثم نفذ إلى سر من رأى (2). وهو يدل على أنهم كانوا يخافون الإمام (عليه السلام) حتى أثناء المسير من أن يلتقي به الناس، لعظم محبته في قلوبهم وهيبته في نفوسهم، لهذا ساروا به في الليل تحت جنح الظلام لتفادي اجتماع الناس به (عليه السلام).