الله لخلقه، وأحرصهم على دينه وشريعته، وأصبرهم على بلائه، وأخوفهم من سخطه وعقابه (1).
اهتداء بعضهم:
هذا ومن جانب آخر كان الإمام (عليه السلام) يتخذ موقفا هادئا رصينا من أصحابه الذين دخلت عليهم مثل هذه الشبهة، وذلك لأجل سوقهم إلى شاطئ الهداية والسلام.
ومن هؤلاء الفتح بن يزيد الجرجاني، قال: ضمني وأبا الحسن الطريق حين منصرفي من مكة إلى خراسان، وهو صائر إلى العراق... إلى أن قال: فخرجت، فلما كان من الغد تلطفت في الوصول إليه، فسلمت عليه، فرد علي السلام، فقلت:
يا بن رسول الله، أتأذن لي في مسألة اختلج في صدري أمرها ليلتي؟
قال: سل، وإن شرحتها فلي، وإن أمسكتها فلي، فصحح نظرك، وتثبت في مسألتك، وأصغ إلى جوابها سمعك، ولا تسأل مسألة تعينت، واعتن بما تعتني به، فإن العالم والمتعلم شريكان في الرشد، مأموران بالنصيحة، منهيان عن الغش.
وأما الذي اختلج في صدرك ليلتك، فإن شاء العالم أنبأك، إن الله لم يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول، فكلما كان عند الرسول كان عند العالم، وكلما اطلع عليه الرسول فقد أطلع أوصياءه عليه، لئلا تخلو أرضه من حجة يكون معه علم يدل على صدق مقالته، وجواز عدالته.
يا فتح، عسى الشيطان أراد اللبس عليك، فأوهمك في بعض ما أودعتك،