نواحي الغاضرية، وخرجنا منها نصف الليل، فسرنا بين مسلحتين، وقد ناموا، حتى أتينا القبر فخفي علينا، فجعلنا نشم الأرض ونتحرى جهته حتى أتيناه (1)، وقد قلع الصندوق الذي كان حواليه وأحرق، وأجرى الماء عليه فانخسف موضع اللبن وصار كالخندق، فزرناه وأكببنا عليه، فشممنا منه رائحة ما شممت مثلها قط، كشئ من الطيب، فقلت للعطار الذي كان معي: أي رائحة هذه؟ فقال: لا والله ما شممت مثلها، كشئ من العطر، فودعناه وجعلنا حول القبر علامات في عدة مواضع، فلما قتل المتوكل اجتمعنا مع جماعة من الطالبيين والشيعة حتى صرنا إلى القبر، فأخرجنا تلك العلامات وأعدناه إلى ما كان عليه (2).
قال السيوطي في تأريخ الخلفاء: فتألم المسلمون من ذلك، وكتب أهل بغداد شتمه - أي المتوكل - على الحيطان والمساجد، وهجاه الشعراء، ومما قيل في ذلك:
تالله إن كانت أمية قد أتت * قتل ابن بنت نبيها مظلوما فلقد أتى بنو أبيه بمثله * هذا لعمري قبره مهدوما أسفوا على أن لا يكونوا شاركوا * في قتله فتتبعوه رميما (3) حصار آل أبي طالب:
واستعمل على المدينة ومكة عمر بن الفرج الرخجي، فمنع آل أبي طالب من