وأمر محمد بن عبد الله حينئذ أخته ونسوة من حرمه بالشخوص إلى خراسان، وقال: إن هذه الرؤوس من قتلى هذا البيت لم تدخل بيت قوم قط إلا خرجت منه النعمة، وزالت عنه الدولة، فتجهزن للخروج.
قال أحمد بن عبيد الله بن عمار: وأدخل الأسارى من أصحاب يحيى إلى بغداد، ولم يكن فيما رؤي قبل ذلك من الأسارى أحد لحقه ما لحقهم من العسف وسوء الحال، وكانوا يساقون وهم حفاة سوقا عنيفا، فمن تأخر ضربت عنقه، فورد الكتاب من المستعين بتخلية سبيلهم، فخلوا سبيلهم إلا رجلا يعرف بإسحاق بن جناح، كان صاحب شرطة يحيى بن عمر، فإن محمد بن الحسين الأشناني حدثني أنه لم يزل محبوسا حتى مات، فخرج توقيع محمد بن عبد الله بن طاهر في أمره:
يدفن الرجس النجس إسحاق بن جناح مع اليهود، ولا يدفن مع المسلمين ولا يصلى عليه ولا يغسل ولا يكفن!
فأخرج (رحمه الله) بثيابه ملفوفا في كساء قومسي على نعش حتى جاءوا به إلى خربة، فطرح على الأرض وألقي عليه حائط (رحمه الله تعالى) (1).
رثاؤه:
قال أبو الفرج: وما بلغني أن أحدا ممن قتل في الدولة العباسية من آل أبي طالب رثي بأكثر مما رثي به يحيى، ولا قيل فيه الشعر بأكثر مما قيل فيه، واتفق في وقت مقتله عدة شعراء مجيدون للقول، أولو هوى في هذا المذهب (2).