الفصل الخامس دور الإمام (عليه السلام) في التشريع إذا كانت أحداث السقيفة إيذانا بعزل أهل البيت (عليهم السلام) عن أداء دورهم الريادي والقيادي للأمة بعد الرسول (صلى الله عليه وآله)، وبداية لإقصاء الوصي الشرعي والخليفة الحقيقي للرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) عن منصبه الإلهي، فإن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) قد ساهموا في أداء دورهم الرسالي الهادف إلى إقامة مبادئ الكتاب الكريم والسنة المطهرة، ومقاومة مظاهر البدع والانحراف، وتوجيه الأمة نحو الأصول الحقيقية للشريعة المقدسة، ولذلك فقد كانوا (عليهم السلام) وحتى في الظروف القاسية أعلاما للحق ومراجع للدين، يهرع إليهم الناس حيثما أشكلت مسألة وحيثما استجدت أخرى.
وفي هذا السياق تجد أمير المؤمنين (عليه السلام) باب مدينة علم الرسول (صلى الله عليه وآله) وأعلم الناس بالقضاء وفصل الخطاب، يلجأ إليه الناس لحل ما أشكل عليهم في مسائل القضاء ومعضلات الأمور، وفي طليعتهم الحاكمون، حيث قال عمر بن الخطاب، فيما جاء عنه من صحيح الخبر: " لا أبقاني الله لمعضلة ليس لها أبو الحسن " وقال في أكثر من مناسبة: " لولا علي لهلك عمر ".
وقد مارس أئمة الهدى عترة المصطفى (صلى الله عليه وآله) نفس هذا الدور الرسالي في زمان الأمويين والعباسيين رغم شدة الظروف وقسوة الحكام، والأمثلة على ذلك كثيرة