زهدهم لم يكن حقيقيا وإنما لإراحة أبدانهم، وأن تهجدهم في الليل لم يكن نسكا وإخلاصا في طاعة الله تعالى، وإنما هو وسيلة لصيد أموال الناس وإغوائهم، وأن أورادهم ليست عبادة خالصة لله بل هي رقص وغناء، وأن الذي يتبعهم الحمقى والسفهاء.
روى الحسين بن أبي الخطاب، قال: كنت مع أبي الحسن الهادي (عليه السلام) في مسجد النبي (صلى الله عليه وآله) فأتاه جماعة من أصحابه منهم أبو هاشم الجعفري، وكان بليغا وله منزلة مرموقة عند الإمام (عليه السلام)، وبينما نحن وقوف إذ دخل جماعة من الصوفية المسجد فجلسوا في جانب منه، وأخذوا بالتهليل، فالتفت الإمام إلى أصحابه فقال لهم:
لا تلتفتوا إلى هؤلاء الخداعين، فإنهم حلفاء الشياطين، ومخربوا قواعد الدين، يتزهدون لإراحة الأجسام، ويتهجدون لصيد الأنعام، يتجوعون عمرا حتى يديخوا للإيكاف (1) حمرا، لا يهللون إلا لغرور الناس، ولا يقللون الغذاء إلا لملأ العساس واختلاف قلب الدفناس (2)، يتكلمون الناس بإملائهم في الحب، ويطرحونهم بإدلائهم في الجب، أورادهم الرقص والتصدية، وأذكارهم الترنم والتغنية، فلا يتبعهم إلا السفهاء، ولا يعتقد بهم إلا الحمقى، فمن ذهب إلى زيارة أحدهم حيا أو ميتا، فكأنما ذهب إلى زيارة الشيطان وعبادة الأوثان، ومن أعان واحدا منهم فكأنما أعان معاوية ويزيد وأبا سفيان.