قال النويري: أنفق المتوكل في بناء قصوره مائة ألف دينار، وخمسين ألف ألف عينا، ومائتي ألف ألف، وثمانية وخمسين ألف ألف، وخمسمائة ألف درهم... (1).
وهكذا ينعم الخلفاء العباسيون وأذنابهم بالحياة إلى حد السفه والهوس، ومن ورائهم طبقات واسعة من عامة الناس قتر عليها الرزق، فهي تعيش في ضنك وضيق شديدين، سيما العلويون والطالبيون بشكل عام، فقد فرض عليهم المتوكل حصارا جائرا حتى إنه منع الناس من البر بهم والإحسان إليهم، وكان لا يبلغه أن أحدا بر بهم إلا أنهكه عقوبة وغرامة - كما قدمنا عن أبي الفرج الأصفهاني - حتى امتنع الناس من صلتهم وإكرامهم خوفا من عقاب الطاغية وسطوته، فعاشوا حياة ملؤها البؤس والفقر والحرمان.
ثورات العلويين وممن ثار في وجه الظلم والجبروت من العلويين أبو الحسين يحيى بن عمر بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، داعيا إلى إقامة حكم الله في الأرض وفقا لكتاب الله وسنة رسوله المصطفى، مطالبا بحقوق المظلومين والمعذبين والمضطهدين، رافعا شعار الرضا من آل محمد (عليهم السلام)، وكان (رضي الله عنه) فارسا شجاعا، وسنأتي على تفصيل أخبار ثورته لاحقا إن شاء الله في أيام المستعين، لأنه ثار أيام المتوكل، وقاتل واستشهد في أيام المستعين سنة 250 ه (رضوان الله عليه).