فليس معذرة في فعل فاحشة * قد كنت راكبها ظلما وعصيانا (1) فقد دل أمير المؤمنين (عليه السلام) على موافقة الكتاب، ونفي الجبر والتفويض اللذين يلزمان من دان بهما وتقلدهما الباطل والكفر وتكذيب الكتاب، ونعوذ بالله من الضلالة والكفر، ولسنا ندين بجبر ولا تفويض، لكنا نقول بمنزلة بين المنزلتين، وهو الامتحان والاختيار بالاستطاعة التي ملكنا الله وتعبدنا بها، على ما شهد به الكتاب، ودان به الأئمة الأبرار من آل الرسول صلوات الله عليهم.
[مثل رائع]:
ومثل الاختيار بالاستطاعة مثل رجل ملك عبدا، وملك مالا كثيرا، أحب أن يختبر عبده على علم منه بما يؤول إليه، فملكه من ماله بعض ما أحب، ووقفه (2) على أمور عرفها العبد، فأمره أن يصرف ذلك المال فيها، ونهاه عن أسباب لم يحبها، وتقدم إليه أن يجتنبها ولا ينفق من ماله فيها، والمال يتصرف في أي الوجهين، فصرف المال (3) أحدهما في اتباع أمر المولى ورضاه، والآخر صرفه في اتباع نهيه وسخطه.
وأسكنه دار اختبار، أعلمه أنه غير دائم له السكنى في الدار، وأن له دارا غيرها، وهو مخرجه إليها، فيها ثواب وعقاب دائمان، فإن أنفذ العبد المال الذي ملكه مولاه في الوجه الذي أمره به، جعل له ذلك الثواب الدائم في تلك الدار التي