في قوله، دعته النية إلى تصديق القول بإظهار الفعل، وإذا لم يعتقد القول لم تتبين حقيقته.
وقد أجاز الله صدق النية وإن كان الفعل غير موافق لها، لعلة مانع يمنع إظهار الفعل، في قوله: ﴿إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان﴾ (١)، وقوله: ﴿لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم﴾ (٢)، فدل القرآن وأخبار الرسول (صلى الله عليه وآله) أن القلب مالك لجميع الحواس يصحح أفعالها، ولا يبطل ما يصحح القلب شيء.
فهذا شرح جميع الخمسة الأمثال التي ذكرها الصادق (عليه السلام) أنها تجمع المنزلة بين المنزلتين، وهما الجبر والتفويض، فإذا اجتمع في الإنسان كمال هذه الخمسة الأمثال، وجب عليه العمل كمالا لما أمر الله عز وجل به ورسوله، وإذا نقص العبد منها خلة كان العمل عنها مطروحا بحسب ذلك.
[شواهد قرآنية على الاختبار والبلوى]:
فأما شواهد القرآن على الاختبار والبلوى بالاستطاعة التي تجمع القول بين القولين فكثيرة، ومن ذلك قوله: ﴿ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم﴾ (٣)، وقال: ﴿سنستدرجهم من حيث لا يعلمون﴾ (٤)، وقال: ﴿ألم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون﴾ (5).