أنظر إلى عمق الدعاء وفصاحته وجزالته المعبر عما يعانيه الإمام الهادي (عليه السلام) وشيعته ومواليه من استبداد المتوكل وطغيانه واستهتاره.
مقتل المتوكل:
لقد استجاب الله تعالى دعاء حجته على عباده ووليه على خلقه، العبد الصالح المظلوم أبي الحسن الهادي (عليه السلام) وانتقم من المتوكل أشد انتقام، وأخذه أخذ عزيز مقتدر، إذ لم يلبث بعد هذا الدعاء المبارك سوى ثلاثة أيام حتى أهلكه الله تعالى وجعله أثرا بعد عين وعبرة للطغاة والمتكبرين.
فقد اتفق ابنه المنتصر مع جماعة من الأمراء الأتراك، منهم: وصيف وبغا وباغر، فهجموا على دار الخلافة في ليلة الأربعاء لأربع خلون من شوال سنة 247 ه، فقتلوه مع وزيره الفتح بن خاقان، وكان المتوكل سكران ثملا، والذي في رواية ابن الأثير: أنه قتل وقد شرب في تلك الليلة أربعة عشر رطلا، وهو مستمر في لهوه وسروره إلى الليل بين الندماء والمغنين والجواري (1).
وخرج الأتراك وكان المنتصر بانتظارهم، فبايعوه بالخلافة، وأشاعوا أن الفتح قد قتل المتوكل، فقتلناه به، ثم أخذ البيعة من سائر بني العباس وقطعات الجيش، وكان المتوكل يزدري المنتصر ويحتقره ويبالغ في الاستهانة به، حتى أنه طلب من الفتح بن خاقان أن يلطمه، فلطمه مرتين قبل أن يقتل بيوم، وخلعه من ولاية العهد، وهو أحد الأسباب التي جعلته يسرع في تنفيذ اغتيال أبيه، وبذلك انطوت بموته صفحات سوداء من تأريخ الظلم والتعسف والعدوان.