ومرة أخرى في سامراء اقتحم داره ليلا جماعة من الأتراك من جند المتوكل، فلم يجدوا فيها شيئا، ووجدوه في بيت مغلق عليه، وعليه مدرعة من صوف، وهو جالس على الرمل والحصى ليس تحته فراش، وهو متوجه إلى الله تعالى يتلو آيا من القرآن (1).
قال سعيد الحاجب: صرت إلى دار أبي الحسن (عليه السلام) بالليل، ومعي سلم، فصعدت منه إلى السطح، ونزلت فوجدت عليه جبة صوف وقلنسوة منها، وسجادته على حصير بين يديه وهو مقبل على القبلة (2).
ونقل ابن أبي الحديد عن المفاخرة بين بني هاشم وبني أمية للجاحظ، قال:
وأين أنتم عن علي بن محمد الرضا، لابس الصوف طول عمره مع سعة أمواله وكثرة ضياعه وغلاته (3).
هيبته (عليه السلام) في قلوب الناس:
لقد ورث الإمام الهادي (عليه السلام) من آبائه الكرام (عليهم السلام) العلم ومكارم الأخلاق والهيبة في قلوب الناس، ولقد كانت هيبته تملأ القلوب إكبارا وتعظيما، وذلك ناشئ من طاعته لله تعالى وزهده في الدنيا وتحرجه في الدين، وقد بلغ من عظيم هيبته أن جميع السادة العلويين والطالبيين وغيرهم المعاصرين له، قد أجمعوا على تعظيمه والاعتراف له بالزعامة والفضل مع كونهم من المشايخ الكبار والسادة المقدمين