ومما تقدم من أقوال المؤرخين يبدو أن يحيى خرج على حكم العباسيين بسبب تردي الأحوال الاقتصادية والاجتماعية والقسوة والظلم والتعسف الذي كانت تعانيه الأمة في أيام حكم المتوكل وما بعده من حكام العباسيين، لذا فقد دعا إلى الرضا من آل محمد (صلى الله عليه وآله) وأظهر العدل وحسن السيرة حتى لقي ربه.
وبالرغم من أن الشهيد يحيى بن عمر كان في ضائقة مالية، وأن عليه دين باهض، وأن أذناب العباسيين قد قطعوا حقه ورزقه وصلته من بيت المال، إلا أن أهداف ثورته لم تكن من أجل الحصول على المال وحسب، بل كان يهدف إلى إقامة العدل وإرجاع الحق إلى أهله.
قال أبو الفرج الإصفهاني: حدثني أحمد بن عبيد الله بن عمار الثقفي، قال:
حدثنا محمد بن أحمد الحر، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن السميدع، قال: قال لي عمي: ما رأيت رجلا أورع من يحيى بن عمر، أتيته فقلت له: يا بن رسول الله، لعل الذي حملك على هذا الأمر الضيقة، وعندي ألف دينار ما أملك سواها، فخذها فهي لك، وآخذ لك من إخوان لي ألف دينار أخرى.
قال: فرفع رأسه ثم قال: فلانة بنت فلان - يعني زوجته - طالق ثلاثا، إن كان خروجي إلا غضبا لله عز وجل، فقلت له: أمدد يدك، فبايعته وخرجت معه (1).
سير المعركة:
قال أبو الفرج الإصفهاني: حدثني أحمد بن عبيد الله، قال: حدثني أبو عبد الله بن أبي الحصين، قال: إن يحيى بن عمر لما أراد الخروج بدأ فزار قبر