وتوارى أيضا عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي (عليه السلام) منذ أيام المأمون، ومات في أيام المتوكل.
قال أبو الفرج الإصفهاني: حدثني أحمد بن سعيد، قال: حدثني يحيى بن الحسن، قال: حدثنا إسماعيل بن يعقوب، قال: سمعت محمد بن سليمان الزينبي يقول: نعي عبد الله بن موسى إلى المتوكل صبح أربع عشرة ليلة من يوم مات، ونعي له أحمد بن عيسى فاغتبط بوفاتهما وسر، وكان يخافهما خوفا شديدا، ويحذر حركتهما، لما يعلمه من فضلهما، واستنصار الشيعة الزيدية بهما وطاعتهما لهما لو أرادوا الخروج عليه، فلما ماتا أمن واطمئن، فما لبث بعدهما إلا أسبوعا حتى قتل (1).
إشخاص الإمام الهادي (عليه السلام):
لقد سار المتوكل على نهج من سبقوه في التعامل مع أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، بل زاد على ذلك باستدعائه الإمام الهادي إلى دار الخلافة في سامراء وعزله عن أوساط الأمة، مع علمه أن دور الإمام (عليه السلام) في المدينة لا يعدو كونه مبلغا لرسالة جده المصطفى (صلى الله عليه وآله) ومحافظا على سنته ومبادئ كتاب الله تعالى، وليس همه السلطة ولا تنزع نفسه الكريمة إلى شيء من متاع الدنيا وزخرفها.
تولى الإمام الهادي (عليه السلام) مهام وأعباء الإمامة وهو لا يزال في مطلع شبابه كما قدمنا، وذلك سنة 220 ه (2)، وبقي في المدينة حتى بلغ من العمر نحو عشرين سنة مرجعا لرواد العلم من مختلف البلاد وشتى الديار، فأحبه الناس واجتمعوا حوله،