(إنك لتذكر أخلافا قلما هي فيمن عندنا.) قال: فقال: (فكيف يزعم هؤلاء أنهم شيعة؟) (1) 21 - عن محمد بن إدريس في آخر السرائر نقلا من كتاب العيون والمجالس للشيخ المفيد قال: قال سلمان الفارسي: (أوصاني خليلي رسول الله صلى الله عليه وآله بسبع لا أدعهن على كل حال. (ثالثهن:) (وأن أحب الفقراء وأدنو منهم.) (2) أقول: لا يخفى أن عظم كل عمل وقيمة كل أمر إنما يعلم من إعظام الحق سبحانه وإعظام أوليائه عليهم السلام لهذا الامر والعمل. والمستفاد من هذه الفقرة من الحديث وما أوردنا ذيلها، أن الفقر والفقراء عظيمان عند الله تعالى وأوليائه العظام عليهم السلام.
فيلزم إعظام الفقراء اقتداء بهم.
ولعل السر في إعظامه تعالى لهم، أن بالفقر يحصل لهم حالة توجب انكسارهم وتخشعهم لله سبحانه وكثرة التفاتهم وإقبالهم على الله تعالى في جميع الحالات والأمور. ومن المعلوم أن حصول هذه الحالة ليس أمرا صغيرا حقيرا لا يعتنى به، بل هو مما دعا إليه جميع الأنبياء، واعتنى بشأنه الأولياء عليهم السلام، وحث عليه الكتب السماوية. وعلى هذا، فما المانع من أن يكونوا أقرب الخلق إليه سبحانه، فتكون محبتهم محبة الله تعالى، والتقرب إليهم هو التقرب إلى الحق سبحانه، والدنو منهم دنوا منه تعالى، وأخذهم الصدقات أخذه تعالى إياها، ووضعها في أيديهم وضعها في يده سبحانه، والاستخفاف بهم استخفافا به تعالى؟!
وأما الصفات الموجبة لحصول هذه العناية الإلهية للفقراء، فسيأتي بيانها في الفقرة الآتية من الحديث.